Search

عظة الأحد السابع من الزمن العادي عن الوَحدة

عظة الأحد السابع من الزمن العادي عن الوَحدة

ليكونوا بأجمعهم واحداً

أيها الإخوة، أحبائي في المسيح. ها نحن في الأحدِ الأخير من زمن الفصح، زمن الحب والخلاص والرحمة. وها نحن نستعد لحلول الروح القدس روح الحب والوحدة. فاليوم نقف لكي نسمع رسالة أو بالأحرى وصية يوجها لنا يسوع كما وجهها لتلاميذه. وهذه الرسالة هي رسالة وحدة. لذا سنتأمل معاً في ثلاثة افكار تشرح لنا النص وتركز على بعض الامور الضرورية لهذه الوصية.

أولاً: لا أدعو لهم وحدهم، بل أدعو ايضاً للذين يؤمنون بي عن كلامهم. يسوع يحبك، ويحبني ويحبنا ويحب الجميع، لذا فهو يصلي لنا ومن أجلنا وذلك لأننا آمنا بهِ عن طريق تلاميذه والكنيسة على مر الاجيال. فمحبة يسوع تظهر اليوم بوضوح ويؤكد لنا أنَّ محبته لنا منذ الأزل وإلى الابد. ونرى يسوع يقول لتوما في إنجيل القديس يوحنا 29:20 “طوبى للذين يؤمنون ولم يروا”(29:20). ولكن السؤال هنا: أين نحن من هذا الإيمان؟ ماذا عملنا لكي نعيش ونقوي إيماننا؟ الايمان لا ينضج الا في الصلاة بيننا وبين الله من جهة، وبعيش ما نصلي من خلال محبتنا وعيشنا الصلاة في حياتنا العملية من جهة أخرى. فهل نحن نؤمن إيمان صحيح مبني على الصلاة وحب الآخرين؟

ثانياً: فليكونوا بأجمعهم واحداً. (قصة الأب والابناء مع حزمة العصي). نرى اليوم التشتت والتفرق والانشقاق بدل الوَحدة والتجمع والعيش بسلام. لِننظر إلى العالم، فنرى بعالم اليوم من شتتهم الحروب (سوريا، العراق، اليمن وغيرها). أيضاً هناك مَن هاجر وترك أهلهُ وبلدهُ وعائلتهُ واحبتهُ بحثاً عن العمل والعيش الكريم. كما ونرى مَن مزّقتهم الكراهية والانانية وحب التسلط والطمع وغيرها من الأمور، هذا ما نراهُ في العائلات وبين الاصدقاء والاقارب. فالأخ لا يتكلم مع أخيهِ، والأب يترك عائلتهُ ولا يهتم بها وغيرها من الأمور التي تُحزِن. وغيرهم مَن دمرتهم الورثة والمال فأصبحوا يقتلون بعضهم بعضاً. والاصعب علينا هو الانشقاق الذي نراهُ اليوم في كنيستنا، وسببه هو حب السيطرة والسلطة وفرض الذات، وهذا ما يُحزِن يسوع الذي أراد وصلّى ونبّه تلاميذه وقال لهم كونوا واحداً. لندع كل هذا ونرى نحن كعائلة واحدة في المعهد ما الذي يفرقنا ويدمر ما طلبهُ منا الرب يسوع. فالذي يفّرقنا هو حبنا للتسلط وفرض الذات وعدم تقبل آراء الآخرين وأفكارهم والحكم على غيرنا والتذمر والانانية والتكبر. للأسف بكل بساطة الذي فرّقنا وفرّق عالمنا، الذي شتّتنا وشتّت عالمنا ومزّق وحدتَنا ووَحَدَة العالم هو: غياب التواضع. ونرى يسوع ينبهنا لهذا الشيء مراراً وتكراراً ولكن وللأسف لا نبالي بما قاله لنا يسوع، لأننا نفهم أحسن منهُ من وجهة نظرنا.

ثالثاً: لتكن فيهم المحبة التي أحببتني إياها. هل نعلم ما هو الحب؟ الحب هو التضحية ونكران الذات، المحبة لديها ثلاث أضلاع وإذا غاب أي ضلع تكون المحبة ناقصة. وهذه الاضلاع الثلاثة كما عاشها يسوع هي: محبة الله ومحبة القريب ومحبة النفس. ” إذ قال أحد: أني أحبُّ الله وهو يبغض أخاه كان كاذباً، لأنّ الذي لا يُحب أخاه وهو يراه لا يستطيع أن يحب الله وهو لا يراه” (1يوحنا20:4). فكذلك محبتنا لها ثلاث أضلاع محبة الله ومحبة القريب ومحبة النفس.

  • محبة الله هي الطاعة والعمل في وصاياه وتعاليمه بحب وليس بخوف. وأن نجعلَهُ يملك على حياتِنا.
  • محبة القريب هي أن أحبّهُ بكل ما فيه من ضعف ونواقص وإيجابيات وغيرها لأنهُ مخلوق على صورة الله ومثاله وفيه روح الله. محبة القريب هنا أي أن نعيش معهُ في سلام وفرح ورحمة.
  • محبة النفس تعني أن نهتم بها ولا ندع الشيطان يملك ويسيطر عليها. أحب نفسي أي أن أساعدها لكي تكون قريبة من الله والآخرين، وأن لا تكون نفسي متكبرة، أنانية، طمّاعة. لأنهُ عندها سوف نفقد الله والآخرين وأنفسِنا.

لذلك يسوع يقول: لتكن فيهم المحبة التي أحببتني إياها. فهو يريد أن تكون فينا المحبة الحقّة التي عاشها هو وعلّمها. فهل نحن مستعدين لعيش هذه المحبة؟

إخوتي أبناء القيامة والحب والحياة. يسوع لا يطلب المستحيل، يسوع يطلب الشيء المستطاع والبسيط. يطلب منا عيش الإيمان والوحَدة والحب، ولكن قبل هذا لنعيش التواضع والبساطة. فمَن عاش التواضع والبساطة عاش الإيمان والوحَدة والحب.

يا يسوع الوديع والمتواضع القلب، علِّمنا أن نطلب ونحيا فضيلة التواضع بحب وبكل قوة لكي نقدر أن نعيش الإيمان والوَحدة والمحبة. لأنهُ بدون التواضع تبقى نفوسنا عالية متكبرة وتحب ذاتها فقط. فساعدنا يا يسوع بأن ننتصر على هذه الشوائب وقوِّنا بروح التواضع لكي نكون أداة إيمان وحب ووحَدة في كنيستك في عالمنا وفي معهدنا. آمين.

الشماس الإنجيلي: ريمون عصام حداد

12507123_10206549570032163_1904234272215391971_n

Facebook
WhatsApp
Email