Search

التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية المقدسة

المقال العاشر

“أؤمن بمغفرة الخطايا”

976- يربط قانون الرسل الإيمان بمغفرة الخطايا بالإيمان بالروح القدس، ولكنه يربطه أيضا بالإيمان بالكنيسة وبشركة القديسين. فالمسيح القائم من الموت، يمنح الروح القدس لرسله، وهبهم سلطانه الإلهي في مغفرة الخطايا: “خذوا الروح القدس. فمن غفرتم خطاياهم غفرت لهم، ومن أمسكتم خطاياهم أمسكت”(يو 20، 22- 23).

القسم الثاني من هذا التعليم سيعالج مباشرة مغفرة الخطايا بالمعمودية، وسر التوبة وسائر الأسرار ولا سيما الافخارستيا .يكفي إذًا هنا الإشارة بإيجاز إلى بعض المعطيات الأساسية.

1- معمودية واحدة لمغفرة الخطايا 

977- لقد ربط السيد المسيح مغفرة الخطايا بالإيمان وبالمعمودية: “اذهبوا في العالم اجمع، واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. فمن آمن واعتمد يخلص”(مر 16، 15- 16)المعمودية هي السر الأول والرئيسي لمغفرة الخطايا، لأنه يوحدنا بالمسيح الذي مات لأجل خطايانا ،وقام لأجل تبريرنا، حتى “نسلك نحن أيضا في حياة جديدة” (رو 6، 4).

978- “في اللحظة التي نعلن فيها اعتراف إيماننا الأول، ونحن ننال المعمودية المقدسة التي تنقينا، فالمغفرة التي نحصل عليها هي تامة وكاملة إلى حد انه لا يبقى على الإطلاق أي شيء فينا يجب أن يمحى، لا من الذنب الأصلي، ولا من الذنوب المقترفة بإرادتنا الخاصة ولا أي عقاب تخضع له للتكفير .. ومع ذلك فإن نعمة المعمودية لا تنجى أحدا من مختلف أسقام الطبيعة ،بل على العكس من ذلك، علينا أن نقاوم تحركات الشهوة التي لا تنئ تحملنا على الشر.”

979- في هذا الجهاد ضد الميل إلى الشر، من يستطيع أن يكون على هذا القدر من الشجاعة والسهر يجتنب كل جراحات الخطيئة؟ “فإن كان من الضروري أن تحصل الكنيسة على سلطان مسامحة الخطايا، كان ينبغي ألا تكون المعمودية الوسيلة الوحيدة لديها في استخدام مفاتيح ملكوت السماوات إلى نالتها من يسوع المسيح؛ كان ينبغي أن تكون قادرة على أن تغفر لجميع التائبين خطاياهم، ولو خطئوا حتى اللحظة الأخيرة من حياتهم.”

980- بسر التوبة يستطيع المعمد أن يتصالح مع الله والكنيسة:“لقد كان الآباء على حق عندما دعوا إلى التوبة “معمودية شاقة”. سر التوبة هذا هو، للذين سقطوا بعد المعمودية، ضروري للخلاص، كما هي ضرورية المعمودية نفسها للذين لم يولدوا بعد ولادة جديدة.”

2- سلطان المفاتيح

981- أن المسيح من بعد قيامته قد أرسل رسله “ليكرزوا باسمه بالتوبة لمغفرة الخطايا في جميع الأمم” (لو 24، 47). “سر المصالحة( “2 كو 5، 18) هذا، لا يقيمه الرسل وخلفاؤهم فقط بالكرازة بين الناس بغفران الله الذي استحقه لنا المسيح ويدعونهم إلى التوبة والإيمان، بل أيضا يمنحهم مسامحة الخطايا بالمعمودية وبمصالحتهم مع الله ومع الكنيسة بفضل سلطان المفاتيح الذي نالوه من المسيح.

“لقد نالت الكنيسة مفاتيح ملكوت السماوات، حتى تتم فيها مسامحة الخطايا بدم المسيح وفعل الروح القدس. وفى هذه الكنيسة، النفس التي أمانتها الخطايا تعود إلى الحياة لتحيا مع المسيح الذي خلصتنا نعمته.”

982- ما من خطيئة، مهما كانت ثقيلة إلا وتستطيع الكنيسة مسامحتها: “ما من أحد مهما كان شريراً ومذنباً، إلا ويجب عليه أن يرجو بثبات غفرانه، شرط أن تكون أبواب المغفرة مفتوحة على الدوام في كنيسته لكل من يعود عن خطيئته.”

983- على الكرازة أن تسعى في أن توقظ لدى المؤمنين وتغذى فيهم الإيمان بالعظمة التي لا مثيل لها، عظمة العطية التي منحها المسيح القائم من بين الأموات لكنيسته: أعنى رسالة وسلطان مغفرة حقيقية، بواسطة خدمة الرسل وخلفائهم.

“يريد الرب أن يكون لتلاميذه سلطان عظيم، يريد أن يصنع خدامه الوضعاء باسمه كل ما صنعه عندما كان على الأرض.”

“لقد نال الكهنة سلطاناً لم يعطه الله لا للملائكة ولا لرؤساء الملائكة ..الله يؤيد في العلى ما يصنعه الكهنة ههنا على الأرض.”

“لو لم يكن في الكنيسة سلطاناً لم يعطه الله لا للملائكة ولا لرؤساء الملائكة …الله يؤيد في العلى ما يصنعه الكهنة ههنا على الأرض.”

“لو لم يكن في الكنيسة مسامحه للخطايا، لما وجد أي أمل رجاء بحياة أبدية وبتحرير أبدي .لنشكر الله انه منح كنيسته عطية كهذه.”

بإيجاز :

984- يربط قانون الإيمان “مغفرة الخطايا” باعتراف الإيمان بالروح القدس. فالمسيح القائم من بين الأموات قد وهب الرسل سلطان مغفرة الخطايا عندما منحهم الروح القدس.

985- المعمودية هي السر الأول والرئيسي لغفارن الخطايا؛ أنها توحدنا بالمسيح الذي مات وقام ويمنحنا الروح القدس.

986- بإاردة المسيح تملك الكنيسة سلطان مغفرة خطايا المعمدين، وتمارسه عن يد الأساقفة والكهنة بطريقة اعتيادية في سر التوبة.

987- “في مسامحة الخطايا، الكهنة والأسرار هم مجرد أدوات، ارتضى سيدنا يسوع المسيح ،الذي وحده صانع خلاصنا وموزعه، أن يستخدمها ليمحو آثامنا ويمنحنا نعمة التبرير .”

المقال الحادي عشر

“أومن بقيامة الجسد”

988- قانون الإيمان المسيحي- وهو اعتراف إيماننا بالله الآب ،والابن والروح القدس، وبعمله الخالق والمخلص والمقدس- يصل إلى قمته في إعلان قيامة الأموات في نهاية الأزمنة، وفى الحياة الأبدية.

989- نؤمن إيماناً ثابتاً، وبالتالي نرجو، أنه كما أن المسيح قام حقاً من بين الأموات، وأنه يحيا على الدوام، كذلك الصديقون من بعد موتهم سيحيون على الدوام مع المسيح القائم، وأنه سيقيمهم في اليوم الأخير. وقيامتنا، على غرار قيامته، ستكون عمل الثالوث القدوس:

“إن كان روح الذي أقام يسوع من بين الأموات ساكناً فيكم، فالذي أقام المسيح يسوع من بين الأموات يحيى أيضا أجسادكم المائتة، بروحه الساكن فيكم” (رو 8، 11).

990- لفظة “الجسد” تعنى الإنسان من حيث وضعه الضعيف والمائت. “وقيامة الجسد” تعنى أنه بعد الموت لن يكون فقط حياة للنفس الخالدة، ولكن حتى “أجسادنا المائتة” (رو 8، 11) ستعود إليها الحياة.

991- الاعتقاد بقيامة الأموات كان أحد عناصر الإيمان المسيحي الأساسية منذ بدايته “هناك اقتناع لدى المسيحيين: قيامة الأموات. وهذا الاعتقاد يحيينا:”

“كيف يقول قوم بينكم بعد قيامة الأموات؟ فإن لم تكن قيامة أموات، فالمسيح إذًا لم يقم وان كان المسيح لم يقم، فكرازتنا إذًا باطلة، وإيمانكم أيضا باطل … ولكن، لا، فإن المسيح قد قام من بين الأموات، باكورة للراقدين( “1 كو 15، 12- 14. 20).

1- قيامة المسيح وقيامتنا كشف القيامة التدريجي 

992- إن قيامة الأموات قد كشفها الله لشعبه تدريجياً. فالرجاء بقيامة الأموات في الجسد قد ثبت كنتيجة ضمنية للإيمان بإله خلق الإنسان بكامله جسداً ونفسا. فالذي خلق السماء والأرض هو أيضا الذي يحفظ بأمانة العهد مع إبراهيم ونسله. في هذه النظرة المزدوجة تم أولاً التعبير عن الإيمان بالقيامة. فالشهداء المكابيون اعترفوا في وسط مضايقهم:

“إن ملك العالم، إذا متنا في سبيل شرائعه، سيقيمنا لحياة أبدية(“2 مك 7، 9) “خَير أن يَموتَ الِإنسانُ بِأيدي النَّاس ويَرجُوَ أن يُقيمَه الله، فلكَ أنتَ لن تكونَ قِيامَ ة للحَياة”(2 مك 7،14)

993- الفريسيون وكثيرون من معاصري الرب كانوا يرجون القيامة وقد علمها يسوع على وجهه ثابت. فأجاب الصدوقيون الذين ينكرونها: “أولستم على ضلال لأنكم لا تفهمون الكتب، ولا قدرة الله؟” (مر 12، 24). الإيمان بالقيامة يرتكز على الإيمان بالله الذي “ليس هو إله أموات بل إله أحياء” (مر 12، 27).

994- ولكن هناك أكثر من ذلك فقد ربط يسوع الإيمان بالقيامة بشخصه هو: “أنا القيامة والحياة “(يو 11، 25). يسوع نفسه هو الذي سيقيم في اليوم الأخير الذين آمنوا به وأكلوا جسده وشربوا دمه. وقد أعطى عن ذلك من الآن علامة وعربوناً، بإعادة الحياة لبعض الموتى، منبئاً بذلك بقيامته الخاصة، مع أن هذه ستكون من نوع آخر عن هذا الحدث الفريد يتكلم داعياً إياه “آية يونان”، وآية الهيكل: فهو ينبئ بقيامته في اليوم الثالث من بعد موته.

995- الشاهد للمسيح هو “الشاهد لقيامته “(رسل 1، 22)، الذي أكل وشرب “معه من بعد قيامته من بين الأموات “(رسل 10، 41). الرجاء المسيحي بالقيامة يحمل في جملته آثار اللقاءات مع المسيح القائم. ستقوم على مثاله، ومعه، وبه.

966- منذ البدء اصطدم الإيمان بالقيامة بكثير من عدم التفهم والمقاومة. “لم يلق الإيمان المسيحي مجابهة على أية نقطة كما يلقى على قيامة الجسد. إذ أنه لمن المقبول بنوع عام أن تستمر حياة الشخص بعد الموت بشكل روحي. ولكن كيف السبيل إلى الإيمان بأن هذا الجسد المائت، وموته ظاهر للعيان بكل جلاء، يقدر أن يقوم إلى الحياة الأبدية؟”.

كيف يقوم الأموات

997- ما معنى “القيامة”؟ في الموت، الذي هو انفصال النفس والجسد، يسقط جسد الإنسان في الفساد، فيما تذهب نفسه لملاقاة الله، على أنها تبقى في انتظار اتحادها من جديد بجسدها الممجد .

فالله، في قدرته الكلية، سوف يعيد الحياة غير الفاسدة لأجسادنا موحداً إياها بنفوسنا، بفضل قيامة يسوع.

998- من سيقوم؟ جميع الناس الذين ماتوا: “فالذين عملوا الصالحات يقومون للحياة، والذين عملوا السيئات يقومون للدينونة” (يو 5، 29).

999- كيف؟ لقد قام المسيح في جسده الخاص: “انظروا يدي ورجلي؛ فإني أنا هو” (لو24, 39)لكنه لم يعد إلى حياة أرضية. على هذا النحو، فيه، “سيقوم الجميع، كل بجسده الخاص الذي له الآن”، غير أن هذا الجسد سيتحول إلى جسد على صورة جسد مجد المسيح، إلى “جسد روحاني( “1 كو 15، 44).

“ولكن، قد يقول قائل: “كيف يقوم الأموات؟ وبأي جسد يرجعون؟ يا جاهل! إن ما تزرعه، أنت ،لا يحيا إلا إذا مات.  وما تزرعه ليس هو الجسم الذي سيكون، بل مجرد حبة …يزرع ]الجسد[ بفساد ويقوم بلا فساد؛ … فنهض الأموات بغير فساد …. إذ لابد لهذا الكائن الفاسد أن يلبس عدم الفساد، ولهذا الكائن المائت أن يلبس عدم الموت “(1 كو 15، 35- 37. 42. 52- 53).

1000- هذه “الكيفية التي بها تتم القيامة” تتخطى تصورنا وتفكيرنا. ولا يمكن الوصول إليها إلا بالإيمان. بيد أن اشتراكنا في الافخارستيا يعطينا منذ الآن تذوقاً مسبقاً لتجلى جسدنا بالمسيح:

“كما أن الخبز يأتي من الأرض، من بعد تقبله استدعاء الله، لا يعود خب اًز اعتيادياً، بل يصير إفخارستيا مكونة من عنصرين، أحدهما أرضى والآخر سماوي، كذلك أجسادنا التي نشترك في الافخارستيا لا تعود فاسدة كما كانت، إذ إن لها رجاء القيامة.”

1001- متى؟ بوجه نهائي “في اليوم الأخير” (يو 6، 39- 40. 44. 54؛ 11، 24)؛ “في نهاية العالم” فقيامة الأموات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمجيء الثاني للمسيح: “لأن الرب نفسه، عند إصدار الأمر، وعند صوت رئيس الملائكة وهتاف بوق الله، سينزل من السماء، فيقوم ال ارقدون في المسيح أولا” (1 تس 4، 16).

قائمون مع المسيح

1002- إن صح أن المسيح سيقيمنا “في اليوم الأخير”، فصحيح أيضا أننا، منذ الآن، على نحو ما، قائمون مع المسيح. فالحياة المسيحية هي، بفضل الروح القدس، منذ الآن على الأرض، اشتراك في موت المسيح وقيامته.

“تدفنون مع المسيح في المعمودية، وتقومون معه، لأنكم آمنتم بقدرة الله الذي أقامه من بين الأموات … لقد قمتم مع المسيح، فاطلبوا إذًا ما هو فوق حيث يقيم المسيح جالساً عن يمين الله” (كو 2، 12؛ 3 ،1).

1003- المؤمنون، وقد اتحدوا بالمسيح بالمعمودية، يشتركون منذ الآن اشت اركاً حقيقياً في حياة المسيح القائم السماوية، ولكن تلك الحياة تبقى “مستترة مع المسيح في الله” (كو 3، 3)“معه أقامنا، ومعه أجلسنا في السماوات، في المسيح يسوع” (أف 2، 6) نحن منذ الآن خاصة جسد المسيح، إذ قد تغذينا من جسده في الافخارستيا. وعندما ستقوم في اليوم الأخير، “فحينئذ نظهر أيضا معه في المجد” (ك ول 3، 4).

1004- في انتظار ذلك اليوم، جسد المؤمن ونفسه يشتركان في كرامة من يكون “في المسيح”.مما يقتضي أن يحترم جسده الخاص، ويحترم أيضا جسد الآخر، ولا سيما عندما يتألم: “الجسد للرب، كما أن الرب للجسد. والله، الذي أقام الرب، سيقيمنا نحن أيضا بقدرته. أما تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح؟ …وأنكم لستم بعد لأنفسكم … فمجدوا الله إذًا في أجسادكم “(1 كو 6، 13- 15. 19- 20).

 

2- الموت في المسيح يسوع

1005- ليقوم الإنسان مع المسيح، عليه أن يموت مع المسيح، عليه أن “يتغرب عن الجسد ليستوطن عند الرب( “2 كو 5، 8) في هذا الانطلاق الذي هو الموت، تنفصل النفس عن الجسد ،وستعاد إليها وحدتها مع جسدها في يوم قيامة الأجساد.

الموت 

1006- “أمام الموت يبلغ لغز الوضع البشر ي ذروته” الموت الجسدي هو، على نحو ما، طبيعي ،ولكنه، في نظر الإيمان، “أجرة الخطيئة” (رو 6، 23). وهو ،للذين يموتون في نعمة المسيح، اشتراك في موت الرب، للتمكن من الاشتراك أيضا في قيامته.

1007- الموت خاتمة الحياة الأرضية. حياتنا تقاس بالزمن ،الذي في مداه نتغير ونشيخ وكما عند كل الكائنات الحية على الأرض، يبدو الموت انتهاء الحياة الطبيعي. هذا الوجه من الموت يسم حياتنا بطابع ملحّ: فهندما نتذكر أننا مائتون، نتذكر أيضا انه ليس لنا سوى وقت محدود لتحقيق حياتنا: 

“أذكر خالقك في أيام شبابك … قبل أن يعود التراب إلى الأرض حيث كان، ويعود النفس إلى الله الذي وهبه( “جا 12، 1. 7). 

1008- الموت عاقبة الخطيئة: أن السلطة التعليمية في الكنيسة، بصفتها المفسرة الأصيلة لما يؤكده الكتاب المقدس والتقليد، تعلم أن الموت دخل العالم بسبب خطيئة الانسان وإن كان الانسان يملك طبيعة مائتة، فالله كان يعده لعدم الموت. فالموت إذًا كان مناقضاً لمقاصد الله الخالق، وقد دخل العالم كعاقبة للخطيئة. “فالموت الجسدي، الذي لولا الخطيئة لنجا منه الإنسان”، هو إذًا “عدو الإنسان الأخير( “1 كور 15، 26) الذي يجب الانتصار عليه .

1009- المسيح حوّل الموت. أن يسوع، ابن الله، قد خضع هو أيضا للموت الذي هو خاص بالوضع البشري. ولكنه، وعلى الرغم من جزعه إزاءه، قبله في فعل استسلام كلي وحر لمشيئة أبيه. إن طاعة يسوع قد حولت لعنة الموت إلى بركة .

معنى الموت المسيحي

1010- للموت المسيحي، بفضل المسيح، معنى إيجابي: “الحياة لي هي المسيح، والموت لي ربح( “في 1، 21). “وما اصدق هذا القول: إن نحن متنا معه، فسنحيا معه( “2 تي 2، 11). هنا تكمن جدة الموت المسيحي الأساسية: بالمعمودية المسيحي هو منذ الآن سرياً “ميت مع المسيح، ليحيا حياة جديدة؛ وإن نحن متنا في نعمة المسيح، يتم الموت الطبيعي هذا ” الموت مع المسيح ،”وينجز هكذا انضمامنا إليه في عمل فدائه “إنه أفضل لي أن أموت في … المسيح يسوع من أن أملك على اقاصي الأرض. هو الذي التمسه، من مات لأجلنا؛ هو الذي أريده، من قام لأجلنا ولادتي تقترب ،… دعوني أحصل على النور الصافي؛ ومتى بلغت إلى هناك، أصير إنساناً”. 

1011- في الموت يدعو الله الإنسان إليه، لذلك يستطيع المسيحي أن يشعر إزاء الموت برغبة مماثلة لرغبة القديس بولس“أرغب في الانطلاق فأكون مع المسيحي” (في 1، 23)؛ ويستطيع أن يحول موته إلى فعل طاعة ومحبة الآب، على مثال المسيح: 

“إن رغبتي الأرضية قد صلبت. ،.. إن بين أضلعي ينبوع ماء حتى يهدر في داخلي قائلاً “تعال إلى الآب.” “أريد أن أرى الله، ولكي أراه يجب أن أموت.” “إني لا أموت، بل أدخل الحياة.”

1012- الرؤية المسيحية للموت تعبر عنها تعبيراً مميزاً ليتورجيا الكنيسة: 

“لكل الذين يؤمنون بك، يا رب، الحياة لا تنهدم بل تتحول؛ وعندما تنتهي سكناهم على هذه الأرض ،لهم منذئذ منزل أبدي في السماوات .”

1013- الموت هو للإنسان نهاية رحلته على الأرض، نهاية زمن النعمة والرأفة الذي يقدمه له الله ليحقق حياته الأرضية وفاقاً للقصد الإلهي، ويقرر مصيره الأخير. ومتى انسلخ “مجرى حياتنا الأرضية الوحيد”، لن نعود مرة أخرى إلى حياة الأرض. “فالناس لا يموتون إلا مرة واحدة” (عب 9، 27) لا “تقمص” بعد الموت .

1014- تشجعنا الكنيسة على ان نهيئ أنفسنا لساعة موتنا “نجنا يا رب من الموت المفاجئ وغير المتوقع”: طلبة القديسين القديمة، وان نطلب إلى والدة الإله ان تشفع فينا” في ساعة موتنا (“صلاة “السلام عليك يا مريم”)، وأن نودع ذواتنا القديس يوسف، شفيع الميتة الصالحة: 

“فما كان احراك أن تسلك، في كل عمل وفكر، سلوك من كان موشكا أن يموت اليوم. لو كان ضميرك صالحاً، لما كنت تخاف الموت كثيراً. تجنب الخطايا خير من محاولة الهرب من الموت. إن كنت اليوم غير متأهب، فغداً كيف تكون مستعداً”.

“الحمد لك، رب، لأجل أخينا الموت الجسدي، الذي لا يستطيع أي إنسان حي أن ينجو منه الويل الذين يموتون في الخطايا المميتة، طوبى للذين يلقاهم في إرادته القدوسة، فالموت الثاني لن يضرهم.”

بإيجاز:

1015- “الجسد هو محور الخلاص” نؤمن بالله خالق الجسد؛ ونؤمن بالكلمة الذي صار جسداً ليفتدي الجسد؛ ونؤمن بقيامة الجسد ،التي هي اكتمال الخليقة واكتمال فداء الجسد .

1016- بالموت تنفصل النفس عن الجسد، ولكن الله، في القيامة، سوف يعيد الحياة غير الفاسدة لجسدنا المحول، إذ يتحده من جديد بنفسنا. فكما أن المسيح قام ويحيا على الدوام، كذلك سنقوم كلنا سنقوم في اليوم الأخير .

1017- “نؤمن بقيامة حقيقية لهذا الجسد الذي لنا الآن” ولكن يزرع في القبر جسد فاسد ،فيقوم جسد غير فاسد، جسد” روحاني” (1 كو 15، 44)

1018- نتيجة للخطيئة الأصيلة، على الإنسان أن يخضعه “للموت الجسدي، الذي لو لم يخطأ لنجا منه .”

1019- يسوع، ابن الله، خضع بحرية للموت لأجلنا، في الاستسلام التام والحر لمشيئة الله، أبيه ،وبموته انتصرعلى الموت ، مفسحا هكذا في المجال لخلاص جميع الناس.

المقال الثاني عشر

“أؤمن بالحياة الأبدية”

1020- المسيحي الذي يضم موته الخاص إلى موت المسيح ير ى في الموت انطلاقاً إليه ودخولاً ففي الحياة الأبدية. والكنيسة بعد ان تقول على المسيحي المنازع للمرة الأخيرة كلمات المغفرة التي بها يحله المسيح من خطاياه، وتختمه للمرة الأخيرة بالمسحة المشددة، وتهبه المسيح في الزاد الأخيرغذاء للسفر، تخاطبه بثقة هادئة .

“أيتها النفس المسيحية ،غادري هذا العالم، باسم الآب القدير الذي خلقك، وباسم يسوع المسيح ،ابن الله الحي، الذي تألم لأجلك، وباسم الروح القدس الذي افيض فيك .خذي مكانك اليوم في السلام، ولتستقر سكناك مع الله في صهيون المقدسة، مع مريم العذراء والدة الإله، والقديس يوسف، والملائكة وجميع قديسي الله (…) عودي إلى خالقك الذي كونك من تراب الأرض ،وفي ساعة خروج نفسك من جسدك، فلتسارع مريم العذراء والملائكة، وجميع القديسين لملاقاتك … وليتح لك أن تشاهدي فاديك وجهاً لوجه إلى دهر الداهرين”. 

1- الدينونة الخاصة

1021- الموت يضع حداً لحياة الإنسان كزمن منفتح كزمن على تقبل النعمة الإلهية التي تجلت في المسيح أو رفضها. يتكلم العهد الجديد على الدينونة بنوع خاص في إطار اللقاء الأخير مع المسيح في مجيئه الثاني، ولكنه يؤكد أيضا مرات عديدة الجزاء المباشر بعد الموت لكل إنسان تبعاً لأعماله وإيمانه. فمثل لعازار المسكين، وكلام المسيح وهو على الصليب للص التائب ، ونصوص أخرى من العهد الجديد، تتكلم على مصير أخير للنفس، يمكن أن يكون مختلفاً لهؤلاء ولأولئك .

1022- كل إنسان ينال في نفسه الخالدة جزاءه الأبدي، منذ موته، في دينونة خاصة تحال فيها حياته إلى المسيح، إما عبر تطهير، وإما للدخول مباشرة في سعادة السماء، وأما للهلاك الفوري والدائم” .في مساء حياتنا، سوف ندان على المحبة.”

2- السماء

1023- الذين يموتون في نعمة الله وصداقته، وقد تطهروا كلياً، يحيون على الدوام مع المسيح.

أنهم سيكونون على الدوام أمثاله، لأنهم سيعاينونه ” كما هو”(1 يو 3، 2)، “وجها إلى وجه ( “1 كو 13، 12)

“بسلطاننا الرسولي نحدد أن نفوس جميع القديسين .. وكل المؤمنين الآخرين الذين ماتوا بعد أن نالوا معمودية المسيح المقدسة، ولم يكن فيهم لدى موتهم ما يتطلب التطهير، .. وكذلك الذين، وإن بقي فيهم ما يتطلب التطهير، قد أتموا ذلك بعد موتهم، هؤلاء جميعاً، بحسب تدبير الله العام، …حتى قبل قيامة جسدهم والدينونة العامة، وذلك منذ صعود ربنا ومخلصنا يسوع المسيح إلى السماء، كانوا ويكونون وسيكونون في السماوات وفي الفردوس السماوي مع المسيح، مقبولين في شركة الملائكة القديسين. إنهم، منذ آلام ربنا يسوع المسيح وموته، قد رأوا الجوهر الإلهي ويرونه رؤية مباشرة ذاتية وحتى وجهاً إلى وجه، دون وساطة أية خليقة”.

1024- تلك الحياة الكاملة مع الثالوث القدوس، تلك الشركة في الحياة والمحبة معه، ومع مريم العذراء والملائكة والطوباويين تدعى “السماء” المساء هي غاية الإنسان القصوى وتحقيق أعمق رغباته، وحالة السعادة الفائقة والنهائية .

1025- أن نحيا في السماء يعني “أن نكون مع المسيح” المختارون “في المسيح” ولكنهم يحفظون، بل يجدون، فيه هويتهم الحقيقة، اسمهم الخاص: “فالحياة هي أن نكون مع المسيح، حيث المسيح، هناك الحياة، هناك الملكوت.”

1026- إن يسوع المسيح، بموته وقيامته، قد “فتح” لنا السماء. حياة الطوباويين تقوم في الامتلاك الكامل لثمار الفداء الذي حقّقه المسيح، الذي يُشرك في تمجيده السماوي كلّ من آمن به وبقي أمين اً لمشيئته. السماء هي الجماعة السعيدة المكوَّنة من جميع الذين انضمّوا إليه إنضماماً كاملا.

1027- إن سر الشركة السعيدة هذا هو مع الله ومع جميع الذين هم للمسيح يفوق كل فهم وكلتصور. والكتاب المقدس يكلمنا عليه في صور: الحياة، النور، وليمة العرس، خمر الملكوت، بيت الآب، أورشليم السماوية، الفردوس: “إن ما لم تره عين، ولا سمعت به أذن، ولا خطر على قلب بشر، ما أعده الله للذين يحبونه(“1 كو 2، 9)

1028- الله، بسبب سموه، لا تمكن رؤيته كما هو إلا متى كشف هو نفسه سره لمشاهدة الإنسان المباشرة ومكّنه منها. هذه المشاهدة لله في مجده السماوي تدعوها الكنيسة “الرؤية الطوباوية :” “كم سيكون مجدك وسعادتك: أن تقبل لرؤية الله، أن تحظى بشرف الاشتراك في أفراح الخلاص والنور الأبدي في صحبة المسيح الرب إلهك .. أن تنعم في ملكوت السماوات في صحبة الصديقين وأصدقاء الله ،بأفراح الخلود المعطى .”

1029- في مجد السماء لا يني الطوباويون يتمون بفرح إرادة الله بالنسبة إلى سائر الناس وإلى الخليقة كلها. إنهم من الآن يملكون مع المسيح “وسيملكون معه إلى دهر الداهرين” (رؤ 22، 5)

3- التطهير النهائي أو المطهر

1030- الذين يموتون في نعمة الله وصداقته ولم يتطهروا بعد تطهيرا كاملا وإن كانوا على ثقة من خلاصهم الأبدي يخضعون من بعد موتهم لتطهير يحصلون به على القداسة الضرورية لدخول فرح السماء.

1031- تدعو الكنيسة مطهرا هذا التطهير النهائي للمختارين المتميز كليا عن قصاص الهالكين لقد صاغت الكنيسة عقيدة الإيمان المتعلقة بالمطهر بنوع خاص في مجمع فلورنسا والمجمع التريدنتيني ويتكلم الكنيسة على نار مطهرة مستندا إلى بعض نصوص الكتاب المقدس بالنسبة إلى بعض الذنوب الخفيفة يجب الاعتقاد بوجود نار مطهرة قبل الدينونة وفق ما يؤكده من هو الحق بقوله إن جدف أحد على الروح القدس فهذا من هو الحق بقوله إن جدف أحد على الروح القدس فهذا لن يغفر له لا في هذا الدهر ولا في الدهر الآتي (متى 12، 32) في هذا الحكم يمكننا أن نفهم أن بعض الذنوب تمكن مسامحتها في هذا الدهر والبعض الآخر في الدهر الآتي.

1032- يرتكز هذا التعليم أيضا على ممارسة الصلاة لأجل الراقدين التي يتكلم عليها الكتاب المقدس ولهذا قدم يهوذا المكابي ذبيحة التكفير عن الأموات ليحلوا من الخطيئة (2 مك 12، 45) وقد كرمت الكنيسة منذ القرون الأولى ذكرى الأموات وقدمت لأجلهم صلوات وبنوع خاص الذبيحة الافخارستية حتى يتطهروا فيبلغوا الرؤية السعيدة وتوصي الكنيسة أيضا بالصداقات والغفرانات وأعمال التوبة لأجل الراقدين لنمد لهم العون ونذكرهم إن كان أبناء أيوب قد تطهروا بذبيحة أبيهم لم تشك بأن تقادمنا لأجل الراقدين تجلب لهم بعض التعزية فلا نتردد إذًا في مساعدة الذين رحلوا وتقدمة صلوات لأجلهم. 

4- جهنم

1033- لا نستطيع أن نتحد بالله ما لم نختر بحرية أن نحب ولكننا لا نستطيع أن نحب الله ونحن نرتكب خطايا ثقيلة ضد قريبنا أو ضد أنفسنا من لا يحب يثبت في الموت كل من يبغض أخاه فهو قاتل وتعلمون أن كل قاتل ليست له الحياة الأبدية ثابتة فيه (1 يو 3، 14– 15) ويحذرنا الرب أننا سنفصل عنه إن أهملنا لقاء الاحتياجات الخطيرة لدى الفقراء والأصاغر الذين هم إخوته . الموت في الخطيئة المميتة دون التوبة عنها ودون تقبل محبة الله الرحيمة يعني البقاء منفصلا عنه على الدوام باختيارنا الحر وتلك الحالة من الإقصاء الذاتي عن الشركة مع الله ومع الطوباويين هي ما يدل علية بلفظة جهنم .

1034- يتكلم يسوع مرارا على جهنم النار التي لا تطفأ المعدة للذين يرفضون حتى نهاية حياتهم أن يؤمنوا ويرتدوا وحيث يمكن أن يهلك النفس والجسد معا وينبئ يسوع بألفاظ خطيرة انه سوف يرسل ملائكته فيجمعون كل فاعلي الإثم ويلقونهم في أتون النار (متى 13، 41- 42) وإنه سيعلن الحكم اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية (متى 25، 41).

1035- يؤكد تعليم الكنيسة وجود جهنم وأبديتها إن نفوس الذين يموتون في حالة الخطيئة المميتة تهبط على الفور بعد موتها إلى الجحيم حيث تقاسي عذابات جهنم النار الأبدية ويقوم عذاب جهنم الرئيسي في الانفصال الأبدي عن الله الذي فيه وحدة يستطيع الإنسان الحصول على الحياة والسعادة اللذين خلق لأجلهما وإليهما يتوق. 

1036- إن تأكيدات الكتاب المقدس وتعاليم الكنيسة في موضوع جهنم هي دعوة إلى المسؤولية التي يتوجب على الإنسان أن يستخدم فيها حريته في سبيل مصيره الأبدي وهي في الوقت عينه دعوة إلى التوبة ادخلوا من الباب الضيق فإنه واسع الباب ورحبة الطريق التي تؤدي إلى الهلاك وكثيرون هم الذين ينتهجونها ما أضيق الباب وما أحرج الطريق التي تؤدي إلى الحياة وقليلون هم الذين يجدونها .(متى 7، 13- 14) إذ نجهل اليوم والساعة ينبغي عملا بوصية الرب أن نظل دوما متيقظين لكي يتاح لنا إذا ما انسلخ مجري حياتنا الأرضية على غير رجعة أن نقبل معه في العرس فنكون في عداد مباركي الله لا كالعبيد الاشرار الكسولين المفصولين عن الله للنار الأبدية والظلمة في الخارج حيث يكون البكاء وصريف الأسنان.

1037- لا يحدد الله مسبقا مصير أحد في جهنم بل هي لمن يكره الله بملء إرادته (الخطيئةالمميتة) ويثبت في هذا الكره حتى النهاية والكنيسة في الليتورجيا الافخارستية وصلوات مؤمنيها اليومية تلتمس رحمة الله الذي لا يريد أن يهلك أحد بل أن يقبل الجميع إلى التوبة( 2 بط 3، 9) هذه هي التقدمة التي نقربها لك نحن عبيدك وعائلتك كلها فاقبلها بعطفك اجعل السلام في حياتنا وانتشلنا من الهلاك الأبدي واقبلنا في عداد مختاريك.

5- الدينونة العامة 

1038- إن قيامة جميع الأموات الأبرار والأثمة (رسل 24، 15) سوف تسبق الدينونة العامة وستكون الساعة التي يسمع فيها جميع من في القبور صوت ابن البشر فيخرجون منها: فالذين عملوا الصالحات يقومون للحياة والذين عملوا السيئات يقومون للدينونة (يو 5، 28– 29) حينئذ يأتي المسيح في مجده وجميع الملائكة معه وتحشد لديه جميع الأمم فيفصل بعضهم عن بعض كما يفصل الراعي الخراف عن الجداء ويقيم الخراف عن يمينه والجداء عن يساره ويذهب هؤلاء إلى العذاب أبدي والصديقون إلى حياة أبدية (متى 25، 31– 33. 46).

1039- أمام المسيح الذي هو الحق سوف تعلن بصراحة وبشكل نهائي حقيقة علاقة كل إنسان بالله فتكشف الدينونة العامة ما فعله كل واحد أو أهمل فعله في أثناء حياته على الأرض وذلك حتى في أقصى عواقبه:

“كل شر يفعله الأشرار يسجّل وهم لا يعلمون، في اليوم الذي “لا يصمت الله” (مز 50، 3) فيه سيلتفت نحو الأشرار ويقول لهم: لقد وضعتُ على الأرض فقرائي الصغار لأجلكم. أنا، رأسهم، كنت جالساً على العرش في السماء عن يمين أبي، ولكن على الأرض كان أعضائي يعملون، على الأرض كان أعضائي يجوعون. لو أعطيتم أعضائي شيئاً، لوصل الى الرأس ما كنتم أعطيتموه. وعندما وضعتُ فقرائي الصغار على الأرض، أقمتهم وكلائي ليحملوا إلى كنزي أعمالكم الصالحة: لم تضعوا شيئاً في أيديهم، لذلك لن تجدوا لديَّ شيئاً”.

1040- ستقع الدينونة لدى عودة المسيح المجيدة. الآب وحده يعرف الساعة واليوم، وهو وحده يقرّر حدوثها. سيعلن بابنه يسوع المسيح كلمته الأخيرة على التاريخ كله. سنعرف المعنى الأخير لكلّ تاريخ الخليقة وكل تدبير الخلاص، وسنفهم السبل العجيبة التي قادت بها عنايته كلّ شيء نحو غايته القصوى. وستكشف الدينونة الأخيرة أنّ برّ الله ينتصر على كلّ المظالم التي ترتكبها خلائقه، وأن محبّته أقوى من الموت. 

1041- تدعو رسالة الدينونة العامة إلى التوبة ما دام الله يعطي البشر “الوقت المرضيّ، وقت الخلاص (2 كو 6، 2) إنها تحثّ على مخافة الله المقدسة. وتدعو إلى الالت ازم من أجل برّ ملكوتالله، وتبشر “بالرجاء السعيد” (تي 2، 13) رجاء عودة الرب، الذي سوف “يأتي ليتمجّد في قديسيه ويظهر عجيباً في جميع الذين آمنوا” (2 تس 1، 10)

6- رجاء السماوات الجديدة والأرض الجديدة 

1042- في نهاية الأزمنة سيصل ملكوت الله إلى ملئه. بعد الدينونة العامة سيملك الأبرارعلى الدوام مع المسيح، ممجّدين جسداً ونفساً، والكون نفسه سيتجدّد: 

“حينئذ تبلغ الكنيسة تمامها في المجد السماوي، عندما الكون بأسره، المرتبطُ بالإنسان ارتباطاً صميماً وبه يُدرك مصيرَه، يجد مع الجنس البشري، في المسيح، كماله النهائي”.

1043- هذا التجديد السرّي، الذي سوف يحوّل البشرية والعالم، يدعوه الكتاب المقدس “السماوات الجديدة والأرض الجديدة” (2 بط 3، 13) وسيكون التحقيق النهائي لقصد الله “أن يجمع تحت رأس واحد في المسيح كل شئ ما في السماوات وما على الأرض” (اف 1، 10). 

1044- في هذا الكون الجديد، أورشليم السماوية، سيسكن الله بين البشر ويمسح كل دمعة من عيونهم ولا يكون بعد موت ولا نوح ولا نحيب ولا وجع لأن الأوضاع الأولى قد مضت (رؤ 21، 4)

1045- بالنسبة إلى الإنسان هذا الإنجاز سيكون التحقيق الأقصى لوحدة الجنس البشري التي أرادها الله منذ الخلق والتي كانت الكنيسة في رحلتها بمثابة سر لها الذين سيكونون متحدين بالمسيح سيؤلفون جماعة المفتدين مدينة الله المقدسة (رؤ 21، 2) عروس الحمل (رؤ 21، 9) وهذه لن تعود مجروحة بالخطيئة أو بأي شيء مبتذل أو بالأنانية التي تدمر جماعة البشر الأرضية أو تجرحها والرؤية السعيدة التي سينفتح فيها الله على المختارين انفتاحا لا ينفد ستكون ينبوعا لا ينضب من السعادة والسلام والشركة المتبادلة.

1046- أما بالنسبة إلى العالم، فيؤكد الوحي شركة المصير العميقة بين العالم المادي والإنسان:

“تتوقع البرية، مترقبة تجلي أبناء الله … على رجاء أنها ستعتق هي أيضا من عبودية الفساد… فنحن نعلم أن الخليقة كلها معاً تئن حتى الآن. وليس هي فقط؛ بل نحن أيضا الذين لهم باكورة الروح، نحن أيضا نئن في أنفسنا منتظرين التبني افتداء أجسادناً” (رو 8، 19- 23)

1047- الكون المرئي معد إذً ا، هو أيضا، إلى أن يتحول، “حتى إن العالم نفسه، وقد أعيد إلى حالته الأولى، يصير، دون أي عائق بعد، في خدمة الأبرار”، مشتركاً في تمجيدهم في يسوع المسيح القائم .

1048- “نحن نجهل زمان زوال الأرض والبشرية، ولا نعرف طريقة تحول هذا الكون. ستنمحق دون ريب صورة هذا العالم التي شوهتها الخطيئة؛ ولكننا نعلم أن الله يعد لنا مسكناً جديداً وأرضاً جديدة يسكن فيها البر وتشبع سعادتها جميع رغبات السلام التي تصبو إليها قلوب البشر، بل تفوقها.”

1049- “ولكن ترقب الأرض الجديدة يجب أن لا يضعف فينا الاهتمام بمعالجة هذه الأرض، بل يجب بالأحرى أن يوقظه، لأن جسم الأسرة البشرية ينمو فيها، وهو يستطيع أن يقدم منذ الآن تصوراً أولياء للدهر الآتي، وإن كان لابد من التمييز الدقيق بين التقدم الأرضي ونمو ملكوت المسيح، فإن التقدم الأرضي ذو أهمية كبرى بالنسبة إلى ملكوت الله، وذلك بقدر ما يسهم في تنظيم المجتمع البشري تنظيماً أفضل”.

1050- “فإن كل الثمار الطيبة، ثمار طبيعتنا وصناعتنا، التي نكون قد نشرناها على وجه الأرض في روح الرب وبحسب وصيته، سنجدها في ما بعد، ولكن مطهرة من كل دنس، ناصعة، مشرقة ،عندما يعيد المسيح على الأب ملكوتاً ابدياً وشاملاً” حينئذ يصير الله “كلا في الكل( “1 كو 15، 28)، في الحياة الأبدية: 

“الحياة الدائمة الحقيقة، إنما هي الآب الذي، بالابن وفي الروح القدس، يسكب على الجميع دون استثناء المواهب السماوية. فلقد نلنا، نحن البشر أيضاً، بفضل رحمته، وعد الحياة الأبدية الثابت.”

بإيجاز:

1051- كل إنسان ينال في نفسه الخالدة جزاءه الأبدي منذ موته في دينونة خاصة من قبل المسيح، ديان الأحياء والأموات .

1052- “نؤمن أن نفوس جميع الذين يموتون  في نعمة المسيح… هى شعب الله، في ما وارء الموت ،الذي سيغلب نهائياً في يوم القيامة، حيث تعاد على تلك النفوس وحدتها بأجسادها.

1053- “نؤمن أن جماعة النفوس الملتئمة في الفردوس حول يسوع ومريم تكون كنيسة السماء، حيث تشاهد الله كما هو في السعادة الأبدية، وحيث تشارك هي أيضا بدرجات مختلفة، الملائكة القديسين في الحكم الإلهي الذي يمارسه المسيح في المجد، فتشفع فينا وتعضد ضعفنا بعنايتها الإلهية.”

1054- الذين يموتون في نعمة الله وصداقته، ولم يتطهروا بعد تطهيرا كاملًا، وإن كانوا على ثقة من خلاصهم الأبدي، يخضعون من موتهم لتطهير، يحصلون به على القداسة الضرورية للدخول إلى فرح الله .

1055- بمقتضى “شركة القديسين”، تكل الكنيسة الراقدين إلى رحمة الله، وتقدم لجلهم صلوات ،وبنوع خاص الذبيحة الافخارستية .

1056- تتبعا لمثل المسيح، تحذر الكنيسة المؤمنين من تلك الحقيقة المحزنة والمؤسفة حقيقة الموت الأبدي، المدعو أيضا “جهنم.”

1057- يقوم عذاب جهنم الرئيسي في الانفصال الأبدي عن الله الذي فيه وحده يستطيع الانسان الحصول على الحياة والسعادة اللذين خلق لأجلهما وإليهما يتوق. 

1058- نصلي الكنيسة لكي لا يهلك أحد: “يا رب، لا تسمح أن أنفصل أبدا عنك”. إن صح أن أحدا لا يستطيع أن يخلص بنفسه، فصحيح أيضا أن “الله يريد أن جميع الناس يخلصون” (1 تي 2، 4) وأن “كل شيء ممكن” (متى 19، 26) لديه.

1059- “تؤمن الكنيسة المقدسة الرومانية وتعترف اعترافا ثابتا أن جميع الناس سوف يظهرون في يوم الدينونة بأجسادهم الخاصة أمام منبر المسيح، ليؤدوا حسابا عن أعمالهم”.

1060- في نهاية الأزمنة سيصل ملكوت الله إلى ملئه. حينئذ يملك الصديقون مع المسيح على الدوام، ممجدين جسدا ونفسا، والكون المادي نفسه سيتحول. حينئذ يصير الله “كلا في الكل”(1 كو 15، 28)، في الحياة الأبدية.

” آمين” 

1061- ينتهي قانون الإيمان، كما ينتهي أيضا السفر الأخير من الكتاب المقدس بالكلمة العبرية آمين وتوجد مراراً تلك الكلمة في صلوات العهد الجديد. كذلك تنتهي الكنيسة صلواتها بكلمة آمين.”

1062- في العبرية ترتبط كلمة آمين بالجذر نفسه الذي يرتبط به كلمة “آمن” ويعبر هذا الجذر عن الثبات والثقة والأمانة. فنفهم بالتالي لماذا يمكن استعمال “آمين” بالنسبة إلى أمانة الله نحونا وإلى ثقتنا نحن به .

1063- نجد في أشعيا النبي عبارة “إله الحق”، وحرفياً ” اه آمين”، أي “الإله الأمين لمواعده ” فألذي يتبارك على الأرض يتبارك “بإله آمين” (أش 65، 16) ويستعمل السيد المسيح مراراً كلمة “آمين”، وفي بعض الأحيان بشكل مكرر، ليؤكد أن تعليمه يمكن الوثوق به، وأن سلطته ترتكز على حقيقة الله .

1064- “آمين التي تختم قانون الإيمان تعيد إذًا كلمته الأولى “أومن” وتؤكدها فالإيمان هو أن تقول “آمين” لكلمات الله ووعوده ووصاياه، هو أن نثق ثقة تامة بالذي هو “آمين” المحبة اللامتناهية والأمانة الكاملة. حينئذ تصير حياتنا المسيحية في كل يوم جواب “آمين” عن اعتراف إيمان معموديتنا: “أومن .”

“ليكن لك قانون الإيمان بمثابة مرآة. أنظر نفسك فيه، لترى هل تؤمن بكل ما تعلن الإيمان به، وافرح كل يوم بإيمانك.”

1065-     يسوع المسيح هو نفسه “آمين” (رؤ 3، 14) هو “آمين” النهائية لمحبة الآب لنا. وهو الذي اعتنق جوابنا للآب “آمين” وأتمه: “فإن مواعد الله كلها قد وجدت فيه “نعم”، فلذلك فيه أيضاً نقول: “آمين” لمجد الله “(2 كو 1، 20)

“به، ومعه وفيه، لك، أيها الإله الآب القدير، كل إكرام وكل مجد، إلى دهر الداهرين. آمين”.