Search

ملح ونور

melh&nour

ملح ونور

نتفاخر أننا مسيحيون… نتفاخر أننا أتباع يسوع المسيح… نتفاخر بتعاليمنا… نتفاخر بتسامحنا… نتفاخر بالمحبة التي علمنا إياه المسيح… وتدور اللعبة بين نحن وهم.

عندما نسمع الإنجيل (متى 5: 13- 16 ) نلمس في البداية عبقرية يسوع الذي يستخدم رموز الطبيعة ليكشف لنا عن دعوة الإنسان. لا أدري إذا ما انتبهنا للنص جيداً: هناك نوعين من الملح. وهناك أيضاً نوعين من النور.

الملح الجيد: الملح من المواد المهمه جداً للحياة ولإستمرارها. إذا نقص يجب تعويضه. لإن خلايا الجسم لا يمكن أن تؤدي وظائفها بالشكل الصحيح إلا بتوفر الملح. واستخدمات الملح واسعه جداً من الناحية الغذائية ومن الناحية العلاجية أيضاً (يعطي طعم للطعام، يحفظ المأكولات من الفساد، علاج للعديد من الأمراض، يساعد في عملية التنظيف).

الملح الفاسد: مادة لا قيمه لها، ماده لانفع لها، منظرها كمنظر الملح الجيد إلا أنها لا تقوم بوظيفتها، لإنها فقد قيمتها الغذائية والعلاجية الكامنة فيها. ملح فاسد لا قيمه ولا نفع له. لا يصلح لشيء. يستخدم يسوع كلمة قوي جداً: يطرح في الخارج ليدوسه الناس. فقد هذا الملح وجوده، فقد هذا الملح رسالته، فقد هذا الملح معناه.

لنتوقف قليلاً أمام الملح. أمامك أيها المسيحي. يسوع شبه تلميذه بالملح وفي ذلك رمز للعوامل المشتركة بينهما. يسوع يريد أن يقول وهو خالق الإنسان والملح. أن لا طعم للحياة بدون تلميذ يسوع المسيح. أن الحياة بدون تلميذ يسوع المسيح ستنتهي. وجود وعمل تلميذ يسوع المسيح في هذا العالم هو علاج ودواء لمجموعة من الأمراض. وجود وعمل تلميذ يسوع المسيح في هذا العالم يزيل الشر. وأريد فقط أن أنوه الى نقطه مهمه ان هناك فرق بين المسيحي وتلميذ المسيح. ليس كل مسيحي تلميذ للمسيح. ليس كل مسيحي يعيش يسوع المسيح، ليس كل مسيحي يعي لدعوته ورسالته في هذا العالم ان يكون ملحا. ان يكون مختلف. ان يكون مميز. ان يكون خاص. ان يكون ندره. ان يكون ملفت للنظر والانتباه.

كثير من الأحيان نسمع كلمات من أفواه مسيحية أن الحياة لا طعم لها، الحياة فقدت معناها. أتدري لماذا؟ لإن لا طعم لك. لإن لا لون لك. لإنك فقدت طعمك، لإنك فقدت لونك. لإنك مسيحي فقدت جوهرك. لإنك مسيحي فقدت دعوتك. لإنك مسيحي فقدت رسالتك في هذه الحياة. لإنك مسيحي بدون المسيح.

الصورة المغايرة: كم من مسيحي هو بالحقيقة تلميذ حي للمسيح، ترك أثراً واضحاً في هذه الحياة. ذهبت على جوجل وبحثت عن المسيحين العرب. وجدت عدد كبير من الأسماء التي تركت لها أثر واضح في كافة المجالات السياسية والعلمية والدينية والفنية. السؤال هل كانوا ملحاً جيداً أم ملحاً فاسداً. (جبران خليل جبران، يوسف شاهين، بطرس غالي، موسى حجازين).

النور على المنارة: لمستني جملة يسوع عندما قال لا تخفى مدينة على جبل. ونقول باللغة العربية الشمس بما تتغطى بغربال. كم من شخص يؤمن بيسوع المسيح هو مدينة أساسها على جبل. مبينه على قمة الجبل. كم من مسيحي هو منارة للأخلاق الصالحة الإنسانية. كم من مسيحي هو منارة للمحبة الصادقة. كم من مسيحي هو منارة يدل الناس على الخير وعلى عمل كل ما هو صالح. كم من مسيحي حاضر في وضح النهار، كم من مسيحي هو نور وسط ظلمة العالم المحيط فيه.

النور تحت المكيال: لماذا نخاف؟ لماذا نختبئ؟ لماذا تخاف أن تشهد لتعاليم أنت تؤمن بها؟ لماذا نخلق لنا قلاع محصنه نخاف أن ننطلق ونعيش في العالم. أنتم في العالم ولستم من العالم. الخطر أين أن نكون في العالم ومن العالم أبناء لهذا العالم. لا فرق بيني وبين من هم حولي.

الذهب يبقى ذهبا، وان وضع بين التراب،لايصير ترابا، بل يعطي قيمة للمكان الموجود فيه. هكذا المسيحي المؤمن،لا يدع المجتمع يغيره،بل هو يعطي قيمة للمجتمع، ويكون علامة فارقة تشع بحضور الله اينما وجد.

صاحب الصورة لمن لم يعرف عنه, رجل يدعى Dashrath Manjhi, فلاح بسيط يسكن في قرية نائية ومعزولة في الهند. ذات يوم أصيبت زوجته إصابة خطيرة جداً وبسبب بعد المسافة بين المستشفى والقرية والطريق الطويل المعوج (70 كيلومتراً) لم تصل سيارة الإسعاف في الوقت المناسب وماتت رفيقة الدرب بين يدي زوجها وهو عاجز لا يملك من أمره شيئا. طلب من الحكومة أن تشقّ نفقا في الجبل لاختصار الطريق إلى القرية حتى لا تتكرّر هذه الحادثة لأناس آخرين ولكنّها تجاهلته؛ فقرّر هذا الفلاح قليل الحيلة أن يتصرف بنفسه لكي ينهي تلك المأساة التى يعيشها هو وأهل قريته؛ فأحضر فأساً ومعولاً وقرر الحفر بيديه طريقاً صخرياً برياً بين الجبل. سخر منه جميع أهل القرية واتهموه بالجنون، وقالوا إنه فقد عقله بعد وفاة زوجته!! أمضى هذا الفلاح ما يقرب من 22 عاماً (من 1960 إلى 1982) يحفر في الجبل، يومياً من الصباح إلى المساء، دون كلل ولا ملل، ولا يملك إلاّ فأسه ومعوله وإرادة تواجه الجبال وصورة زوجته في ذهنه وهي تموت بين يديه. ونجح في الأخير في أن يشقّ طريقاً في الجبل بطول 110 أمتار، وبعرض 9 أمتار، وبارتفاع 7 أمتار، لتصبح المسافة بين قريته والمدينة فقط 7 كيلومترات بعد أن كانت 70 كيلومترا؛ وأصبح باستطاعة الأطفال الذهاب إلى المدرسة وأصبح بإمكان الإسعاف الوصول في الوقت المناسب.

الأب وسام مساعدة / كاهن رعية أدر

Facebook
WhatsApp
Email