Search

ظهورات مريم العذراء في لورد

ظهورات مريم العذراء في لورد

بقلم: الدكتور عبد الله حمصي                                   www.terezia.org


 

في 11 شباط 1858 ظهرت مريم العذراء لفتاة عمرها 14 عاماً اسمها برناديت في قرية   Lourdes لورد التي تقع في جنوب فرنسا. وطلبت منها السيدة العذراء أن تراها على مدار خمسة عشر يوماً. وصفت برناديت السيدة العذراء كما ظهرت لها: كانت ترتدي ثوباً أبيضاً وعلى رأسها طرحة بيضاء تكشف قليلاً عن شعرها غطى كتفيها حتى قدميها وعلى وسطها زنار أزرق وفي يديها مسبحة بيضاء وقد زينت قدميها وردتان من اللون الأصفر. سألتها برناديت: من أنتِ أيتها السيدة؟ أجابتها العذراء: أنا التي حُبل بها بلا دنس، تأكيداً لعقيدة الحبل بلا دنس التي أعلنها قداسة البابا بيوس التاسع قبل أربع سنوات.

 رسالة العذراء   

كان للعذراء رسالة تريد أن توصلها للمؤمنين وهي :

– التوبة والرجوع إلى الله .

– الصلاة والإماتة والتقشف من أجل عودة الخطاة .

عائلة سوبيروس في لورد

رُزق فرانسوا سوبيروس ولويس سوبيروس كاستيروت بطفلتهما الأولى برناديت يوم الأحد 7 كانون الثاني لعام 1844 في لورد. وسُجّلت باسمMarie Bernard – Bernadette – Soubirous. خلال السنوات اللاحقة لمولدها رزق والداها بستة أطفال أيضاً، مات ثلاثةً منهم. ولم تتمتّع برناديت بصحّة جيّدة وعانت من الربو وكانت قريبةً جداً من والديها وأخواتها وأخوتها. عاشت في مطحنة لكن بسبب الظروف الصعبة التي واجهت العائلة في هذه المطحنة والتي أدّت إلى انخفاض كميّة وجودة الطحين وبالتالي عدد الزبائن، أُجبرت عائلة سوبيروس على ترك المطحنة والانتقال للعيش في منزل أكثر تواضعاً. وقام فرانسوا كلّ يوم بالبحث عن عمل وكانت أجرته ضئيلة جداً ما أدى إلى عدم اعتنائه الصحيح بعائلته. وبسبب ذلك اضطرّت الأم لويس إلى مساعدة زوجها فذهبت إلى العمل في حين قامت الابنة الكبرى برناديت بالاعتناء بالأطفال. حاول الناس إعطاء برناديت دروساً في الإنجيل لكن كان من الصعب حدوث ذلك نظراً لعدم توفّر الوقت الكافي لها. تمتّعت هذه الفتاة بالإيمان العميق وصلاتها الدائمة للورديّة التي كانت بحوزتها باستمرار كما لم تكن تعرف أية صلاة أخرى غيرها.

 تواريخ الظهورات التي حدثت في لورد لبرناديت سوبيروس:

1- الخميس 11 شباط عام 1858

خرجت برناديت سوبيروس البالغة من العمر 14 سنة، وأختها تيونيت 12 سنة، وصديقتهم الصغيرة جانّيه أبادي 13 سنة لجمع الأخشاب. فمشوا الى مازابييلMassabielle   ورأوا هناك كهفاً أمامه جدول مياه. وبينما كانت تهمّ برناديت سوبيروس بخلع حذائها وجواربها لتعبر الجدول، سمعت صوت عصفة ريح, وتكرّر هذا الصوت مرة أخرى. عندها نظرت إلى الكهف فرأت سيدة جميلة مكتسية بفستان أبيض وحزام أزرق وزهرتين على قدميها. وأشارت السيدة إلى برناديت بإصبعها للاقتراب منها. تجمّدت برناديت في مكانها وحاولت بشكل تلقائي سحب المسبحة والركوع ورسم إشارة الصليب على وجهها. إلا أنّها لم تستطع القيام بذلك حتّى قامت السيدة التي تحمل مسبحة ذات صليب كبير ومُشع بعمل إشارة صليب. وفي أثناء صلاتها للوردية رأت برناديت السيدة وهي تُفلت خرزات المسبحة الواحدة تلو الأخرى لكن دون أن تحرّك شفتيها. دامت هذه الرؤية نحو 15 دقيقة. ولم يرى مَن كان معها أي شيء من هذه الرؤية لكن برناديت أخبرتهما بما حدث كما أطلعت والدتها على ذلك.

2- الأحد 14 شباط عام 1858

يوافق هذا اليوم عيد المَرفَع، وقد انتاب برناديت شعورٌ يحتّم عليها الذهاب إلى الكهف بالرغم من معارضة والدتها لهذا الأمر. وبعد محاولات عديدة لإقناع أمّها، نجحت برناديت وهمّت بالذهاب إليه مع صديقتيها وأخذت معها زجاجة مليئة بالماء المقدّس لرشّه على العذراء إذا رأتها مرة أخرى هناك. وعند وصولهنّ إلى الموقع ركعن وصلّين المسبحة. رأت برناديت السيدة العذراء وبيدها الورديّة فقامت برشّ الماء المقدّس باتّجاهها وقالت لها: “إن جئتِ من عند الله، فابقي. وإن لم تكوني من عنده فاذهبي بعيداً”. وحينما كانت ترش برناديت الماء المقدس أكثر كانت السيدة العذراء تبتسم أكثر فأكثر. وحينما فرغت الزجاجة من الماء واصلت برناديت صلاة المسبحة واختفت السيدة العذراء.

3- الخميس 18 شباط عام 1858

في الصباح الباكر ركعت برناديت في الكهف. وذهب معها بعضٌ من البالغين من القرية وأعطوها قلماً وورقة. دخلت برناديت إلى الكهف وطلبت من السيدة التالي: “اكتبي لي اسمك على هذه الورقة لو سمحتي”. وكان ذلك ما طلبه منها الناس. وسمعت برناديت الإجابة: “ذلك ليس ضروريّاً”. ثم قالت لها السيدة: “هل ستكونين صالحة بما فيه الكفاية لتأتي إلى الكهف على مدى خمسة عشر يوماً”؟. فأجابت برناديت: “نعم، أعدك”. ووعدتها العذراء بالتالي: وأنا أوعدك بأنك ستصبحين سعيدة جداً, لا في هذا العالم, بل في العالم الآخر. ثم قالت لها السيدة: “أرغب برؤية الكثير من الناس هنا”.

وكانت هذه المرة الأولى التي تسمع بها برناديت وبوضوح صوت العذراء المقدّسة العذب. وقد دام هذا الظهور أقل من نصف ساعة.

4 – الجمعة 19 شباط عام 1858

لم تعد برناديت سوبيروس خائفةً من الذهاب إلى كهف مازابييل وشعرت بانجذاب روحيّ يحثّها على التوجّه إليه. كما ذهب معها 6 أو 7 نساء من بينهنّ خالة برناديت. وبعد تلاوتهنّ للسلام المريميّ لثلاثة مرّات ظهرت العذراء ودام ذلك لنصف ساعة. وفي ذلك اليوم أخذت برناديت معها شمعة مباركة وهو شيء اعتادت القيام به كل يوم على مدى الأربعة عشر يوماً التي ظهرت فيهم العذراء لها.

5 – السبت 20 شباط عام 1858

اجتمع مع برناديت في هذا اليوم ما يقارب 30 شخصاً. تكرّرت الرؤية وعند انتهائها قالت برناديت بنفسها المطمئنّة القليل عن الرؤية. قالت وبوضوح أنها ولمرّة أخرى شاهدت “أكيرو”، “السيدة الجميلة”، التي ابتسمت لها وهي داخل الكهف.

6- الأحد 21 شباط عام 1858

حضر في هذا اليوم ما يقارب 100 شخص إلى الكهف مع برناديت وقد أدركوا تماماً مدى التأني في حركات برناديت. ظهرت العذراء لتنظر إلى الجمع بعينيها المتلألئتين وقالت: “صلّوا إلى الخطأة”.

وكان على برناديت تحمّل المقابلة الطويلة التي حدثت بعد ظهر ذلك اليوم مع مفوّض الشرطة جاكومي. وبقيت مع ذلك هادئة وجعلها أباها تعده بأن لا تذهب إلى ذلك الكهف مرة أخرى.

7 – الثلاثاء 23 شباط عام 1858

أثناء اعتراف برناديت للأب بوميان قال لها : أن لا حقّ لأي أحد أن يمنعها من الذهاب إلى الكهف. وفي ذلك اليوم كان هناك ما يقارب 100 شخص على الأقل من بينهم الدكتور دوزوس والكثير من الشخصيّات المهمّة في المدينة الصغيرة. وقد علّمت السيدة المقدّسة برناديت صلاة قصيرة ومميّزة, واحتفظت برناديت بها لنفسها وقامت بصلاتها كل يوم إلى أخر حياتها. كما وأملت عليها العذراء بعض التعليمات مفادها: “اذهبي إلى القسّيسين وقولي لهم أنني أريد أن تُبنى كنيسة هنا”.

8 – الأربعاء 24 شباط عام 1858

حضر إلى الكهف نحو 200 أو 300 شخص ورأوا وجه برناديت والحزن بادٍ عليه وقد زحفت بركبتيها على الأرض وتوقّفت عدّة مرات لتتمتم الكفّارة.. الكفّارة.. الكفّارة.. وقد قالت بعد ذلك، أنّ السيدة طلبت منها القيام بذلك كتكفير عن الخطأة. يا قديسة مريم.. صلّي لأجلنا نحن الخطأة

9 – الخميس 25 شباط عام 1858

امتلأ الكهف ولمرّة أخرى بالناس. وقد بدا مظهر برناديت في هذا الظهور غريباً نظراً لما قالته لها العذراء: “ابنتي، أريد أن أخبرك بسرّ أخير يخصّك، لا يجب أن تبوحي به لأحد. والآن اذهبي واشربي واغتسلي من النبع وكلي العشب النابت بجانبه. وأشارت العذراء مريم إلى الكهف. ورأت برناديت ماءً قذرة موحلة لم تستطع الشرب منها. حاولت لثلاثة مرات أن تحفر بعمق أكثر فأكثر. وفي المحاولة الرابعة استطاعت أن تشرب من الماء وغسلت نفسها ثم أكلت من العشب. قال بعض الحاضرين أنها مجنونة لكن بعد أن حفرت برناديت في ذلك المكان انبثقت مياه غزيرة. وأطلق عليه الكثير من الناس “ماء المعجزة”. وفي ذلك اليوم خضعت برناديت للاستجواب من قبل القائد الملكي ام. دوتور. لكن لم يحصد المحقّقون أي معلومات من هذا الاستجواب.

10 – السبت 27 شباط عام 1858

حضر الظهور العاشر ما يقارب 800 شخص. وقامت برناديت لمرة أخرى بشرب مياه النبع المتدفّقة وأكلت من العشب القريب منه.

11 – الأحد 28 شبط عام 1858

تبع ما يقارب 1150 شخصاً برناديت إلى الكهف. وحضر رئيس ضباط العسكر مع سكرتيرته من تارب. تأثّرت برناديت بذلك وقالت أن الرؤية قد دامت لمدة أطول. وبعد الظهر تم استجوابها مرة أخرى من قبل الضابط الملكي ورئيس الشرطة. كما وحضر مدير المدرسة العليا المحليّة لطرح الأسئلة عليها بشكل انفراديّ. وقد اعتقد أنها كانت تعاني من الجُمدّة قبل أن يطرح عليها الأسئلة وبعدها أصبح متيقّناً أنّ الظهورات قد حدثت لها فعلاً.

12 – الاثنين 1 آذار عام 1858

تبعاً لإحصاءات الشرطة حضر في ذلك اليوم ما يقارب 1500 شخص. وقد قابلت برناديت فتاةً صغيرة أخبرتها أنها لا تحمل ورديّتها الخاصة لكن التي بحوذتها لصديقتها المريضة. قامت برناديت مرة أخري بشرب الماء والاغتسال من النبع. وكان اليوم الأول الذي يحضر فيه الكاهن آبي ديزيرات الذي رُسم كاهناً حديثاً والآتي من بلدة أوميكس الصغيرة القريبة من مازابييل. راقب هذا الكاهن برناديت بدقّة وعن قرب ثم قال بعد ذلك : “ما هذا السلام التي تتحلّى به هذه الفتاة، ما هذه السكينة! وما هذه القداسة الرائعة! إن ذلك مستحيل بالنسبة إلى طفلة لتقوم بذلك كلّه؛ إنها نقيّة وطاهرة، وجميلة أيضاً. لقد شعرت وكأنّني واقفٌ على عتبة السماء”.

13 – الثلاثاء 2 آذار عام 1858

حضر في هذا اليوم 1650 مشاهداً. وسمعت برناديت العذراء تقول: “اذهبي واطلبي من الكهنة بناء كنيسة. أريد من الناس أن يأتوا إلى هنا عند الزيّاح”. وعندما رأت برناديت الأب بيرامال كانت معاملته فظّة جداً وقامت بسؤاله عن الزيّاح ونسيت أمر الكنيسة تماماً. وعند عودتها إلى الكاهن في المساء لتقول له ولثلاثة آخرين بقيّة الرسالة كانت ترتجف. وطلب منها كاهن الأبرشية أن تسأل السيدة أولاً عن اسمها.

14 – الأربعاء 3 آذار عام 1858

في صباح ذاك اليوم حضر إلى الكهف ما يقارب 3000 إلى 4000 شخص، لكن لم يحدث أي شيء. عادت برناديت إلى المكان بعد الظهر وبوجود مئة شخص فرأت العذراء. وكما طلب منها كاهن الأبرشيّة قامت بسؤال السيدة عن اسمها. ابتسمت السيدة دون أن تتفوّه بأي كلمة. فعادت برناديت لرؤية كاهن الأبرشيّة، والذي بدوره قال لها بأنها ضعيفة وطلب منها مرة أخرى أن تسأل السيدة عن اسمها.

15 – الخميس 4 آذار عام 1858

يوافق هذا اليوم يوم التسوّق في لورد كما أنه اليوم الأخير في الأيّام الخمسة عشر المذكورة في الظهور الثالث. توجّه ما يقارب 20000 شخص نحو الكهف. وقد ساندت الشرطة قوّات أخرى من القرى المجاورة للمحافظة على الأمن. وظلّت برناديت سوبيروس ثلاثة أرباع الساعة داخل الكهف وحين خروجها توجّهت لرؤية كاهن الأبرشيّة وقالت له أن السيدة ابتسمت ما أن سألتها عن اسمها، لكنها ما زالت تريد أن تُبنى كنيسة هنا. لكن بيرامال كرّر ما طلبه سابقاً وحتّم على برناديت سؤال السيدة عن اسمها.

 تبع ذلك توقّف في الظهورات، دام عشرين يوماً. وخلال ذلك لم تذهب برناديت إلى الكهف ولم تشعر بشيء يقودها إلى الذهاب إلى هناك. وكانت هذه الفترة وقفة محبّبة لها من أجل استعادة الطمأنينة داخلها. كما وعادت إلى المدرسة وهيّأت نفسها للمناولة الأولى.

16 – الخميس 25 آذار عام 1858

يوافق هذا اليوم عيد البشارة. لم تستطع برناديت الذهاب إلى الكهف لثلاثة أسابيع. وقد انتابها في ليل 24 و 25 من شهر آذار شعور قويّ يحتم عليها الذهاب إلى كهف مازابييل. وفي الساعة الخامسة صباحاً، حضر عدّة أشخاص من بينهم رئيس الشرطة إلى الكهف. وما أن وصلت برناديت رأت السيّدة. وسألتها عن اسمها مكرّرةً هذا السؤال ثلاث مرّات. ابتسمت لها السيدة ثم تملّكت برناديت الشجاعة لسؤالها عن اسمها للمرة الرابعة! وحينها أجابت السيدة: ” أنا الحبل بلا دنس” .

ولم تفهم برناديت سوبيروس ذلك أبداً، ولا حتى بعد قيامها بزيارة كاهن الأبرشيّة إلا أنها بدت بفهم الأمر بعد ظهر يوم قامت فيه بالتحدث إلى السيد إستراد وهو رجلٌ متعلّم شرح لها أنّ السيّدة التي رأتها هي الأم العذراء مريم المقدّسة.

وأطلق على الميدالية التي صنعت بناءً على طلب العذراء:”ميدالية مريم التي حبلت بلا دنس”.

بعد ذلك كان هناك أيضاً توقّف في الظهورات

17 – الأربعاء 7 نيسان عام 1858

ذهبت برناديت سوبيروس للاعتراف فتوقّع الناس منها الذهاب إلى الكهف. وقامت بذلك كعادتها حاملةً معها شمعة مضاءة في يدها اليسرى، وبيدها اليمنى قامت بحماية الشعلة من الرياح. وأثناء انجذابها الروحيّ الذي دام خمس عشرة دقيقة. اتّجه اللهب نحو أصابعها لم يلحظ الدكتور دوزوس أي حرق على يدها وآمن بأن برناديت رأت حقاً العذراء. تبع ذلك أطول توقّف حدث بين الظهورات.

18 – الجمعة 16 تموز عام 1858

في يوم عيد تجلّي العذراء الكرمليّ، شعرت برناديت بحافز يحثّها على الذهاب إلى الكهف. فذهبت في الثامنة مساءً إلى هناك. حيث قامت السلطات في الظهور السابق بإغلاق الكهف إتباعاً للمرسوم الصادر في 10 من حزيران عام 1585 والذي ينصّ على إغلاق المكان. ركعت برناديت على الضفة الأخرى من نهر غايف مع خالتها لوسيل. وبفترة قصيرة انجذبت روحيّاً بعمق كما حدث لها من شهور قليلة سابقة. وحينما سُئِلَت بعدها عن الذي قالته لها العذراء، أجابت: “لا شيء”، لكنّها قالت أنها لم تشاهد العذراء بهذا القدر من الجمال من قبل كالذي شاهدته في هذه المرة.

وبعد هذا الظهور، عادت برناديت إلى حياتها الطبيعيّة المؤمنة المتمثّلة بالإخلاص الكامل إلى الرب لبقية حياتها.

معجزه نبع الماء:

يقول الأب عبد المسيح أن أحداث يوم الخميس 25 شباط 1858 قد سجلتها أحدي شهود العيان و هي مدموزيل (الفريدا لاكرمب) و التي تقول في مذكراتها: كان هناك أمام المغارة حوالي 400 شخص .. وشاهدت هناك عمل يدل علي القوه وكنت في ذهول شديد.. فقد بدأت (الفتاه برنادت) تحفر بيديها إلى أن ظهر على السطح مياه طينيه فجرفتها بيديها وألقتها بعيداً ثلاث مرات ثم شربت في المرة الرابعة . وهنا تغطى وجهها بالطين . واستمرت برناديت في غيبوبتها حتى الساعة السابعة صباحا وعندما سألتها إحدى جاراتها عن تفسير ما حدث قالت: بينما كنت في الصلاة قالت لي السيدة ” العذراء ” بصوت جاد ولكن بحنان (أذهبي و اغتسلي و أشربي من النبع) . ولأني لم أكن أعرف أين كان هذا النبع … لذا حفرت الأرض بيدي فجاءت المياه وعندما قل الطين منه شربت واغتسلت . وبعد ظهر ذلك اليوم تحول المكان بمياه النبع الاعجازي الذي فجرته السيدة العذراء على يد برناديت إلي بركه من المياه وحفرت قناة في سطح التربة . وبعد عشرين سنه من الجدال و بعد دراسة طويلة و دقيقه أعلن العالم الهيدروجيولوجي الشهير في ذلك الوقت الأب ريتشارد (RICHARD) أن النبع كان إعجازياً في اكتشافه وفي جوهره . و أثبتت الدراسات الأخيرة أن الصخرة نفسها هي مصدر مياه النبع النقية تماما من الحد الأدنى لترسبات الأملاح . و إنها لا تحتوي علي مقومات علاجيه طبيعيه . و في أيار 1858 أعلن أحد الكيميائين و يدعى لاتور LATOUR أن ماء النبع عذب صافي (شفاف) جدا . و يحتوي علي المقومات التالية ـ كلوريد الصوديوم و الكالسيوم و الماغنسيوم و سلكات الكالسيوم و الألومنيوم و بيكربونات الكالسيوم و أكسيد الحديد و سلفات الصوديوم و مواد عضويه … و لا يوجد به أيه عناصر علاجيه . و ما تزال التحاليل تجري علي مياه النبع منذ ذلك الوقت و حتى الآن و لا تزال تنساب منه . و بالرغم من أنها في ذاتها ليس بها أيه مقومات علاجيه طبيعيه . و مع ذلك فقد حدثت معجزات لا حصر لها بواسطة الشرب منها أو الاغتسال بها

معجزه الشمعة

في السادسة من صباح الأربعاء 7 نيسان ذهبت برناديت إلى المغارة وكانت السيدة العذراء واقفة في مكان ظهورها المعتاد في مدخل المغارة يغمرها نور السماء. وقد دامت هذه الرؤيا مده 45 دقيقه. ويصف د. دوزوس ما حدث في ذلك اليوم فيقول: كانت الفتاة ساجدة تصلي المسبحة بسبحتها التي كانت في يدها اليسرى في ورع متوهج وكانت تحمل في يدها اليمني شمعه كبيرة مشتعلة وعندما كانت علي وشك أن تبدأ سجودها علي ركبتيها كالمعتاد توقفت فجاه والتصقت يدها اليمني بيدها اليسرى ومر لهب الشمعة بين أصابع اليد اليسرى وهبت نسمة هواء قوية ومع ذلك لم يمس اللهب جلدها بأي ضرر!! هذه الحقيقة الغريبة أذهلتني. ومنعت الذين حاولوا التدخل لإبعاد اللهب عن يد برناديت وأمسكت بساعتي في يدي ودرست الظاهرة بتركيز لمده ربع ساعة و برناديت مستغرقة في غيبوبتها. ثم تقدمت هي إلي الجزء الأعلى من المغارة وفصلت يديها عن بعضها ومن ثم توقف اللهب عن مس يدها اليسرى. وبعد الانتهاء من ذلك يقول سألتها أن تريني يدها اليسرى والتي فحصتها بدقه شديدة و لم أجد فيها أي اثر لحروق في أي جزء منها. فأخذت الشمعة من شخص كان يمسكها ويعيد إشعالها ثانية ووضعتها عدة مرات بالتتابع أسفل يدها اليسرى فكانت تسحبها بسرعة و تصيح ” أنت تحرقني”.

أما جولي جاروس التي كانت حاضرة و شاهد عيان لهذه المعجزة والتي دخلت الدير بعد ذلك ولحقت ببرناديت ودعيت بالأخت “فنسنت” فتقول: أثناء الظهور انزلقت الشمعة بالتدريج وكان اللهب يتلاعب داخل يديها .

الفتاه تحت الفحص والبحث العلمي

خضعت الفتاه للبحث العلمي حيث قرر د. دوزوس DOZOUS Dr أحد علماء مؤسسة سان جورج أن يذهب إلى المغارة التي تظهر فيها السيدة العذراء لهذه الفتاة ويشاهد ما يحدث للفتاة بنفسه. وكان هذا الرجل رجل علم وأبعد ما يكون عن الدين ولكن موقفه تغير إلى النقيض بعدما شاهد بنفسه ما حدث يوم الأحد 21 شباط ودوَّن ما شاهده كالآتي: بمجرد أن وصلت برناديت إلى المغارة وسجدت وبدأت في الصلاة. تجلى وجهها متحولا وتغير تماما وهذا التحول لاحظه كل الذين كانوا قريبين منها. وكنت أتابع حركات برناديت بانتباه شديد وأردت أن اعرف حالة الدورة الدموية والتنفس في تلك اللحظة . وأمسكت بأحد ذراعيها ووضعت أصابعي على الشريان.. و كان النبض عادي وهادئ والتنفس طبيعي. ولا يوجد شيء يدل على آثاره عصبية على الفتاة الصغيرة. وبعد أن تركت ذراعها حراً قمت وتقدمت قليلاً ناحية المغارة فرأيت في لحظتها الوجه الذي كان في حالة سعادة تامة وقد بدا حزيناً ونزلت دمعتان من عينيها على خديها هذا التغيير الذي حدث على وجهها أدهشني وبعد انتهائها من صلاتها واختفاء الكائن الذي كان يظهر لها سألتها ما الذي مر بداخلها أثناء هذا الموقف الطويل؟ فقالت: نظرت السيدة بعيداً عني للحظة واتجهت بنظرها بعيداً فوق رأسي ثم نظرت إلى أسفل وإلى ثانية ولما سألتها عما أحزنها أجابت: صلي من أجل الخطاة. ثم اختفت في الحال. ثم قال الطبيب لقد كان إحساسها عظيماً جداً.

 حاول رجال البوليس استجوابها وحاولوا أن يجعلوها تتناقض في إجاباتها. فلم يفلحوا. فخلطوا التفاصيل ومزجوها ببعضها لكي يوقعونها في غلطة و لكنهم لم ينجحوا أيضاً. وكانت الفتاة دائما بسيطة ووديعة وهادئة وصادقة ومحتفظة بطبيعتها الحلوة طوال وقت الاستجواب.

برناديت في الدير

رغبت برناديت بأن تصبح راهبة فقرّرت الدخول إلى دير نيفيرس. ونظراً لضعف صحّتها التي لا تخوّلها إلى اتّباع القوانين الصارمة، أحبّت برناديت الاعتناء بالمرضى كما أنها قالت: “لا أحد حاول إجباري على الذهاب إلى الدير”.

في يوليو عام 1866، قامت برناديت بالالتحاق بدير أخوات محبة نيفيرس في سان غيلدارد، وهو مقرّ الأبرشيّة، آملةً في تكريس حياتها للرب. وقبل أن تترك لورد وعائلتها الحبيبة ذهبت برناديت إلى الكهف في الرابع عشر من يوليو عام 1866. أخبرت الأخت ماري- برناديت في بداية حياتها الرهبانية جميع الراهبات بقصة الظهورات بكاملها والتي لم يُسمح لها بعد ذلك بذكر شيء عنها. وفي اليوم الذي قامت به بالانحناءة الأخيرة قال لها المطران، أن عملها هو الصلاة. وقد أُعطيت مهام غرفة مشفى الدير، حيث أصبحت ممرضة ممتازة لكنها كانت تعاني من الربو كما أصيبت بالسل وفقدت الكالسيوم من عظامها وامتلأ جسمها بالجروح، واجتمعت معاناة المرض مع المعانات العقليّة لتعيش بذلك كل يوم. وما ذلك إلا تحقيق لطلب السيدة العذراء السابق في لورد: “صلّي للخطأة وكفّري عن الخطايا”.

“أعد أن أجعلكِ سعيدة، ليس في هذا العالم، بل في العالم الآخر” …

وبعد عملية طويلة مضنية وبأمر من الكنيسة أٌعلنت الأخت ماري برناديت قديسة من قبل البابا بيوس الحادي عشر في الثامن من كانون الأول عام 1933. وقد بقي جسدها سليماً وحفظ في ضريح زجاجيّ في كنيسة الدير في نيفيرس.

برناديت سوبيروس في نيفيرس

في تموز عام 1866، قامت برناديت بالالتحاق بدير أخوات محبة نيفيرس في سان غيلدارد، وهو مقرّ الأبرشيّة، آملةً في إشباع رغبتها المتمثّلة في تكريس حياتها الى الله. وقبل أن تترك لورد وعائلتها الحبيبة ذهبت برناديت إلى الكهف في الرابع عشر من تموز عام 1866. أخبرت الأخت ماري- برناديت في بداية حياتها الرهبانية جميع الراهبات بقصة الظهورات بكاملها والتي لم يُسمح لها بعد ذلك بذكر شيء عنها. أعطت بعض الراهبات الأرفع مقاماً برناديت أعمالاً وضيعة وعانت كثيراً من الإذلال إلا أنها قبلت ذلك كلّه بصدر رحب. وفي اليوم الذي قامت به بالانحناءة الأخيرة قال لها المطران، أن عملها هو الصلاة. وقد أُعطيت مهام غرفة مشفى الدير، حيث أصبحت ممرضة ممتازة لكنها كانت تعاني من الربو كما أصيبت بالسل وفقدت الكالسيوم من عظامها وامتلأ جسمها بالجروح، واجتمعت معاناة المرض مع المعانات العقليّة لتعيش بذلك كل يوم. وما ذلك إلا تحقيق لطلبة السيدة العذراء السابق في لورد: “صلّي للخطأة وكفّري عن الخطايا”.

“أعد أن أجعلكِ سعيدة، ليس في هذا العالم، بل في العالم الآخر”

 توفيت برناديت يوم الأربعاء 16 نيسان عام 1879 عن عمر يناهز الخامسة والثلاثين. وقد زادت قوّتها الإيمانية وهي على فراش الموت وبطلب من البابا بيوس الحادي عشر ومطران لورد، وتحت القسم، صرّحت بما حدث في مازابييل.

بعد عملية طويلة مضنية لملف قداستها وبأمر من الكنيسة أٌعلنت الأخت ماري برناديت قديسة من قبل البابا بيوس الحادي عشر في 8 من كانون الأول عام 1933. وقد بقي جسدها سليماً وحفظ في ضريح زجاجيّ في كنيسة الدير في نيفيرس.

الكنيسة تعلن نتيجه البحث والدراسة حول حقيقة الظهورات

في 18 كانون الثاني 1862 م , و بعد حوالي أربع سنوات من البحث والدراسة حول حقيقة ظهور العذراء لبرناديت والظواهر الناتجة عنها أعلن أسقف تربيز تقرير اللجنة التي شكلتها الكنيسة في لورد مؤكدا صحة الظهورات وحقيقتها والذي جاء فيه: ( لقد تتبعنا الأحداث التي نتحدث إليكم عنها وكانت موضوع دراسة دقيقه لمده أربع سنوات. وتتبعناها في أطوارها المختلفة و أخذنا بنصيحة لجنة مكونة من كهنة قديسين ومتعلمين وذوي خبرة وقد سألوا الفتاة الصغيرة ودرسوا الحقائق وفحصوا ووزنوا كل شيء. وأخذنا أيضاً رأي العلماء وتحققنا أخيراً أن الظهور إلهي و فائق للطبيعة ومن ثم تكون التي رأتها برناديت هي العذراء القديسة ذاتها . وقد بني اقتناعنا بصفة خاصة على أساس الأحداث التي لا يمكن أن تحدث إلاّ بالتدخل الإلهي وليس على شهادة برناديت نفسها فقط فشهادة الفتاة الصغيرة بكل السبل مقنعه بقدر الإمكان. ولنبدأ بإخلاصها الذي لا شك فيه فمن ذا الذي فحصها ولم يعجب ببساطتها وصدقها وتواضعها ؟ ففي الوقت الذي يتحدث فيه الكل عن العجائب التي أعلنت لها تقف هي صامتة. فهي تتكلم فقط عندما تسأل و تروي كل شيء بلا مبالغة وبمنتهي البساطة وتجيب على الأسئلة الكثيرة الموجهة إليها بدون أي تردد وتعطي إجابة واضحة ومحددة عن كل استفسار و تحمل أدلة الإقناع التام. وقد اختبرت بمنتهى القسوة و لم تهزها أية تهديدات واستجابت لأكرم العروض بنزاهة ولم تناقض نفسها أبداً. ولم تتغير روايتها أبداً في كل الاختبارات المختلفة التي اختبرت فيها فلم تخف منها ولم تضف إليها شيئا. إن إخلاص برناديت لا يمكن أن يشك فيه أبداً. ونؤكد أنه لم يشك فيها قط حتى خصومها عندما كان لها خصوم أعطوها هذا التقدير. وبعد أن أثارت اللجنة التساؤلات التالية: هل كانت برناديت مخدوعة أوانها ظنت أنها رأت وسمعت شيئا لم تره و لم تسمعه بالفعل أو أنها كانت ضحية لهلاس و كيف صدقت هذا الأمر؟ . قالت تبين إجابتها الحكيمة أن الفتاة الصغيرة ذات عقل راجح , وخيال هادئ , و فطرة سليمة تحكم على الأشياء بصورة صائبة فوق سنها ولم تظهر العاطفة الدينية نفسها فيها في شكل إثارة ولم يكتشف أحد قط في هذه الفتاة الصغيرة اضطراب عقلي أو تقلبات ذهنيه أو اختلال في الشخصية أو تأثير هستيري يجعلها عرضه لإبداعات الخيال . فقد رأت الظهور ليس مرة واحدة فقط بل ثماني عشرة مره. ورأته في المرة الأولى فجأة و لم يكن هناك شيء يجعلها تتوقع الظهور ولاحظنا أيضاً ما حدث أثناء الظهورات. فقد حدث تحول كامل لبرناديت! ارتدى وجهها تعبيراً جديداً وأضيئت عيناها ورأت أشياء لم ترها قط وسمعت لغة لم تسمعها من قبل ولم تفهم معناها دائما. ولكن لم تترك ذاكرتها أبداً. كل هذه الظروف معاً تجعل من المستحيل أن نصدق نظرية الهلوسة. فالفتاة الصغيرة رأت العذراء وسمعتها حقا وهذه الظاهرة لا يمكن أن تفسر بالقوانين الطبيعية. و لذا فمن المحتم علينا أن نصدق أن الظهورات كانت فائقة للطبيعة.

ثانيا: نضع في الاعتبار التأثيرات الناتجة لعلامات النعمة الظاهرة من جهة مثل تحول الخطاة وتوبتهم والنتائج الخارجة عن النواميس العادية للطبيعة من جهة أخرى مثل معجزات الشفاء التي لا يمكن أن تحدث إلاّ من مصدر النعمة وربّ الطبيعة . ونضع في الاعتبار أخيراً أن اقتناعنا تقوي بالجموع الغفيرة من المؤمنين الذين أتوا تلقائيا إلى المغارة والذين لم يتوقفوا عن الحضور منذ الظهور الأول وغرضهم نوال البركات أو لتقديم الشكر على ما حصلوا عليه من بركات. وفي الختام يؤكد التقرير أن التي ظهرت لبرناديت 18 مرة هي العذراء القديسة مريم وأن الظهور يحمل كل علامات الحق وقرار تحويل مكان الظهور إلى مقدس .

 أهم صفات الظهورات

  1. هي مبادرة من العذراء فهي التي تبادر في الظهور.

  2. يكون الظهور حسي ومرئي من قبل أشخاص تختارهم العذراء فيبصرونها ويسمعونها.

  3. غايتها إبلاغ رسالة إلى الشعب المسيحي والعالم عن طريق هؤلاء الأشخاص. وقد يكون مضمون الرسالة دعوة من العذراء إلى الصلاة وضرورة التوبة.

مدى صحة الظهورات: لابد من إخضاع هذه الظهورات المريمية لسلطة الكنيسة التي ستعترف بها أو ترفضها فقرار الكنيسة منوط بتحقيق أمرين هامين: 1- تحقيق مفصل يتناول الأشخاص الذي يعتقدون بأنهم يحظون بهذه الظهورات وعلى الخصوص شخصيتهم وتوازنهم الجسماني والنفسي وتصرفهم قبل الظهورات وبعدها. ولا بد من مراعاة توجيه الأسئلة للشخص الرائي في أقرب وقت ممكن بعد الظهور

 2- تحقيق يتناول الوحي نفسه، فلا بد من التنبه لظروف الرسالة ومضمونها وموافقتها لتعليم الكنيسة وفائدتها الروحية.

وآخر الأمر على السلطة الكنسية أن تقوم بتمييز روحي حقيقي لكي تصدر حكماً بتمييز ما يأتي من الله أو ما يأتي من الشيطان. في رأي بعض علماء اللاهوت الحجة القاطعة على الأصل الإلهي للوحي تكون معجزة تصحبه وتكون تأييداً لصحة هذا الوحي الفائق الطبيعة.

Facebook
WhatsApp
Email