Search

التراث العربي المسيحي القديم

الفصل الرابع والعشرون

دراسات حول بعض اللاهوتيين العرب

(12) اولاد العسال: الصيفي والاسعد والمؤتمن.

(من كتاب “دراسة عن المؤتمن بن العسال وكتابه مجموع اصول الدين وتحقيقه”
للاخ وديع الفرنسيسكاني، مؤلفات المركز الفرنسيسكاني للدراسات الشرقية المسيحية، الفاهرة-القدس، 1997).
(من مجموعات مقالات من الانترنت)

في خلال النصف الأول من القرن الثالث عشر الميلادي، قامت بين الأقباط نهضة فكرية ودينية كبيرة، اتخذت بضرورة الحال مظهراً عربياً. وبرز في هذه النهضة ثلاثة إخوة هم أولاد العسال، أبناء أسرة قبطية اشتغلت بالعلم والأدب والتشريع، وشغل علماؤها مناصب هامة في الدولتين الأيوبية والمملوكية، وكما كانوا مقربين من الدولة، كانوا مقربين من الكنيسة ويبدو أنهم ورثوا هذه الاهتمامات الثقافية من جدهم أبي بشر يوحنا المعروف باسم ‘الكاتب المصري.

اسرة ابناء العسال

نستمد معلوماتنا عن اعضاء هذه الاسرة، في المقام الاول، من كتابات الاخوة الثلاثة، ثم من المصادر التاريخية المسيحية والاسلامية. ويجدر القول ان ما نعرفه عن مؤلفاتهم الادبية يفوق ما نعرفه عن سيرتهم الشخصية. 

رأس هذه الاسرة، والذي منه تستمد اسمها هو العسال. و يأتي هذا الاسم من “عسل”، والعسال قد يشير الى صانع العسل، او المتاجر فيه. و لعل العسال كان صاحب مصنع عسل، او من المتاجرين فيه، ولا نعرف اين عاش العسال، الذي كان له ابن اسمه ابو البشر. واسم هذا الابن الكامل، هو ابو البشر يوحنا الكاتب المصري. وابو البشر هي كنيته، ويوحنا اسمه الشخصي. من تعبير الكاتب المصري يمكن ان نستنتج انه كان موظفا حكوميا في احد دواوين دولة الخلافة الفاطمية.

وكان لهذا الكاتب المصري ابن اسمه ابو سهل جرجس، ومن هذا وُلد المؤتمن ابو اسحاق ابراهيم، الذي كان له بدوره ابن اسمه فخر الدولة ابو المفضل اسعد. وقد خلّف هذا الاخير اربعة ابناء، هم موضوع هذا الفصل. 

لدينا معلومات قليلة عن والد اولاد العسال. نستنتج من لقب “فخر الدولة”، انه كان شخصية مرموقة، ربما موظفا حكوميا، او انه كان قد ادى للدولة خدمة ما. ويبدو انه كان غنيا جدا وكريما. 

كان فخر الدولة، على الارجح، واحد من افراد الطبقة العليا من اثرياء الاقباط، الذين كانوا قد اغتنوا بفضل نشاطهم الصناعي والتجاري والاشتغال بالوظائف الحكومية. 

اولاد العسال

انجب فخر الدولة اربعة ابناء، اثنين من زواج اول: الصفي والاسعد؛ واثنين اخرين من زواج ثان، بعد وفاة الزوجة الاولى: المؤتمن والامجد. 

عاش الاخوة الاربعة، وزاولوا نشاطهم المدني والديني والادبي في مدينة مصر ومدينة القاهرة. وهناك ولدوا هم واسلافهم، وإن كان بعض المؤرخين المعاصرين لهم قد حاولوا نسبتهم إلي أصول شامية، ولكن القلقشندي في “صبح الأعشي” نفى هذا الوهم. كما واعتقد الكثيرون، استنادا على عدد قليل من المخطوطات، ان مدينتهم الاصلية هي سدمنت، في الصعيد، وان لهم قرابة دموية بالراهب بطرس السدمنتي المعروف بالارمني. الا ان الاساس المبني عليه هذا الاعتقاد خاطىء وغير تاريخي.

تلقى اولاد العسال تكوينا جيدا، مثل ابناء الأُسر القبطية الغنية، في حقل الثقافة. كانت لهم معرفة بعلوم وفنون ولغات كثيرة، واشتهروا بخطهم العربي الجميل وينسب إليهم الخط الأسعدي، مع تبحرهم في اللغات القبطية والعربية واليونانية والسريانية، واهتمامهم بالقوانين والشرائع، ووضع أشعار بالعربية على مستوى سامٍ جدًا.

ومن المؤسف أن هذا الاسم “اولاد العسال” كان يطلق في تلك المخطوطات على الإخوة الثلاثة جميعاً، وقد نشأ عن ذلك اضطراب كان أول من أماط اللثام عنه – إلى حد ما – ريو) Rieu ملحق فهرس المخطوطات العربية في المتحف البريطاني، ص 18) والكسيس مالون Alexis Mallon (المجلة الآسيوية، نوفمبر – ديسمبر 1905 ص 509 وما بعدها) ومع ذلك فقد بقيت أشياء كثيرة لا نعرفها على وجه التحقيق.

اولاد العسال

1- الأسعد أبو الفرج هبة الله،

كان لغوياً ومفسراً للكتاب المقدس، كتب بالعربية كتاباً في النحو القبطي. كما نشر بالعربية مختاراتمن الأناجيل، وفيها أطلق على نفسه “الكاتب المصري”. كان اقل اخوته الكُتّاب حظا من الدراسة، وكتب اقل منهم، ومؤلفاته اقل انتشارا. ساهمت رحلاته العديدة الى خارج مصر، في اثراء مكتبة الاسعد، بالاضافة الى انه كان ناسخا ماهرا.

مؤلفات الاسعد

يتميز الانتاج الادبي للاسعد بالأصالة والتنوع، وان لم يكن غزيرا. 

(1) “ترجمة الاناجيل الاربعة”. يعتبر هذا العمل من اهم اعماله، التي وضعها بين سنة 1252 وسنة 1253. وتنطلق الترجمة من النص القبطي، مع الاشارة الى القراءات المختلفة الواردة في الترجمات العربية السابقة، عن السريانية واليونانية.

(2) “المقال في النفس”. تعتبر هذه المقالة من بي اول مت الف الاسعد، ان لم تكن الاولى على الاطلاق، فقد الفها في شهر نيسان سنة 1231. و قد وُضعت بناء على طلب وجهه الى المؤلف اخوه الطبيعي الامجد، كما ورد في مقدمة المقال.

(3) “مقدمة في قواعد اللغة القبطية”، توجد نسخة بلندن وأخرى بأكسفورد.

(4) “مقدمة على رسائل بولس”، توجد نسخة بمكتبة ليبرن في هولندا.

(5) “مختصر كتاب يوحنا الدرجي”.

(6) “مختصر مواعظ ذهبي الفم على تفسير متى”.

(7) “كتاب في حساب الأبقطي”، فيه بعض قواعد فلكية وتاريخية وجدول للبطاركة. 

(8) “أرجوزة في حساب الأبقطي”، شرحها البابا يوحنا (107).

وفاته:

لا يُعرف تاريخ محدد لوفاة الاسعد. ولكنه مات قبل سنة 1259، كما يشهد ناسخ اقدم مخطوط يحوي “ترجمة الاناجيل” للاسعد، اذ ان الناسيخ يطلب له مرتين الرحمة.

2- الصفي أبو الفضائل ماجد

وُلد الصفي ابو الفضائل على الارجح في النصف الثاني من القرن الثاني عشر. و اعتبره البعض البكر بين اخوته، بينما عدة اخرون اصغرهم. لا نعرف ان كان الصفي قد عمل في احد دواوين الدولة الايوبية، فان كتاباته لا تحوي اية اشارة حول هذا الامر. ولا نعرف ايضا ان كان متزوجا او لا. اما بالنظر الى المناصب الكنسية، فهو لم يكن اسقفا، ولا كاهنا، ربما كان شماسا فقط. الا انه من المعروف بشكل مؤكد انه قام بدور بارز ككاتب (سكرتير) لسينودس كنيسة حارة زويلة، الذي عُقد سنة 1238.

مؤلفات الصفي

تتميز مؤلفات الصفي بالتنوع والكثرة. وكان مشترعاً وجدلياً. ومؤلفاته حظيت باكثر من نشرة وترجمة. ويتميز اسلوب الصفي بالسهولة والسلاسة والدقة والايجاز. ويمكن تقسيم هذه المؤلفات الى: عقائد ودفاع، خطب ورسائل، قانون، مختصرات، واخيرا كتابات مفقودة واخرى مشكوك في صحة نسبها اليه.

(1) كتاب الصحائح في الرد على النصائح (توجد نسخة بمكتبة اليعاقبة بالقدس). كُتب ردا على كتاب لعلي بن ربان الطبري، الذي كان مسيحيا نستوريا، فأسلم على يد الخليفة العباسي المتوكل (821-861). و يقع كتاب الصفي في 15 فصلا.

(2) كتاب نهج السبيل في الرد على من قدح في الإنجيل. عُدّ هذا المؤلف كتكملة للكتاب “الصحائح” او كجزء ثان له. و قد وُضع هذا العمل للرد على كتاب صالح الجعفري. و يتكون رد الصفي من مقدمة وخمس قواعد، تفنيدا للقواعد الخمس الوارد ة في كتا ب الجعفري” تخجيل محرفي الانجيل”.

(3) جامع اختصار القوانين المعروف بالمجموع الصفوي، ألفه سنة 1239م.

(4) الكتاب الأوسط، وهو اختصار للكتاب السابق.

(5) فصول مختصرة في التثليث والتوحيد (توجد نسخة بمكتبة باريس وأخرى بمكتبة الفاتيكان). يتناول نصفها الاول التثليث، والثاني الاتحاد، وتبتعد المقالة عن الطابع الدفاعي والجدلي، الذي تتميز به مصنفات الصفي الاخرى. ويعتمد فيها المؤلف على كتابات عبدالله بن الطيب، ويحيى بن عدي، وكتاباته السابقة هو نفسه.

(6) حواشي على مناظرات الشيخ عيسى الوراق مع ابن العبري، وأجوبة على اعتراضات عبد الله الناشي وغيره.

(7) أرجوزة في الموايث، نشرت في المجموع الصفوي (طبعة 1908م).

(8) كفاية المبتدئين في علم القوانين… وهو كتاب مفقود.

(9) كتاب الفردوس، طبع في مصر سنة 1912م تحت عنوان الفردوس العقلي.

(10) كتاب في تاريخ الكنيسة وتطابقه مع العلوم الفلكية، كما يدعى باسم مجموع التواريخ لعلوم القبط. 

(11) مجموع القوانين، طبعه القمص يوسف حبشي.

(12) خطب ومواعظ ابن العسال، طبع في مصر سنة 1887م. كامل صالح نخلة: سلسلة تاريخ الباباوات… الحلقة الأولى، طبعه 1951 م، ص 109-117.

الا ان الصفي اشتهر شرقا وغربا، بالخصوص بفضل “كتاب محموع القوانين” المعروف بالمجموع الصفوي، الذي ألفه سنة 1239م. وهو عبارة عن مجموعة مختصرة من القوانين التي شرعها المؤتمر القبطي الذي عقد في القاهرة عام 1239م في كنيسة حارة زويلة، الذي وضعه بتكليف من الكنيسة الأرثوذكسية المصرية. وأطلقت عليه الكنيسة الحبشية اسم “قوانين الملوك”. وترجع دوافع جمع هذه التشريعات، إلي الظروف التي كانت تعيش بها الكنيسة علي عهد البطريرك الخامس والسبعين ‘كيرلس بن اللقلق’، فرغم ما كان يتمتع به الرجل من علم وفضل، إلا أنه أدخل علي تقاليد البطريركية أمورا أغضبت الأساقفة، مما دفعهم إلي عقد مجمع مقدسي حضره أربعة عشر أسقفا يمثلون الوجهين البحري والقبلي لمعالجة هذه الارتباكات المؤسفة، وانعقد المجمع الأول في كنيسة حارة باب زويلة بالقاهرة وانعقد المجمع الثاني بالقلعة وحضره الصاحب الوزير معين الدين حسن بن شيخ الشيوخ، وفي هذين المجمعين وضعت نصوص القوانين والتشريعات، وكان ‘الصفي’ بن العسال كاتم السر، فكلفه المجمع المقدسي بكتابة مسودة قوانين المجمع الأول بخطه، كما كلف الأنبا ‘يوساب’ أسقف مدينة فوة بكتابة قوانين المجمع الثاني بخطه، وجمع ابن العسال كل ما أسفر عنه المجمعان من قوانين كنيستة في مجموعه المذكور، وتوجد بعض مخطوطات منه في معهد الدراسات القبطية والمتحف القبطي، وصدر مطبوعا في سنة 1908 بجهد وتعليق العلامة جرجس فيلوتاوس، ثم نشره مرقص جرجس سنة 1927، وفي سنة 1965 قام الدكتور عبد السميع محمد أحمد أستاذ اللغات الشرقية بجامعة القاهرة، بدراسة منهجية عن الكتاب مقارنة بترجمته الحبشية، وبذل فيه جهدا علميا ألقي فيه الضوء علي هذه الصفحة من تراثنا القبطي.

وفاته

تلتزم المصادر ومخطوطات مؤلفات الصفي الصمت حول تاريخ وفاته. ولم يهتم بهذا الامر اول الذين تعرضوا له بالدراسة. أما اول من سعى الى البحث عن تاريخ لهذه الوفاة فهو جراف، الذي، في سنة 1932، وضعها بين سنة 1253 وسنة 1260، بعد ذلك بسنة، أي سنة 1933وضعها قبل سنة 1253. واخيرا، سنة 1947، اعتبرها تمت قبل سنة 1260. الا انه من المؤكد انه لم يمت قبل 1253. وقد توفى الصفي بعد حياة طويلة، كما يمكن الاستنتاج من كلماته في رسالة التعزية الى اخيه المؤتمن: “ولو رأيتني، يا اخي، لعجبت من كثرة الشيب في وجهي. وهذا لطول المرض في هذه السنين، والتقدم في السن، وكثرة الهموم”.

3- مؤتمن الدولة أبو إسحاق

فمن الواضح أنه كان أصغر أخويه، لأنه كان يتحدث عما كان لهما من شهرة، كما أضاف إلى اسميهما في بعض المواضع كلمة “رحمهما الله” يدل بذلك على أنهما قد توفيا. وليس من شك في أن هذا الأخ نفسه قد ولى بعض المناصب الرسمية إذ أطلق عليه لقب “المؤتمن” أو “مؤتمن الدولة” أو “مؤتمن الدين المسيحي بن العسال امتاز بنسكه وحبه للعبادة مع الدراسة والمعرفة. فقد تنيحت زوجته التقية، فبعث إليه أخوه الصفي رسالة يحثه فيها على الحياة النسكية بعد فقده مُعينته. وجدت الرسالة لها صدى في قلب هذا التقي، فتتلمذ على يدي القديس أنبا بطرس الحبيس، وقد لقّبه ابن الدهيرى مطران دمياط المعاصر له: “الشيخ الرئيس الناسك والعابد والمؤتمن”. سيم قسًا فقمصًا والتزم القلاية البطريركية يعاون البابا كيرلس بن لقلق في تحرير مراسلاته. و حياة حافلة بالعمل والانتاج الادبي توفي المؤتمن، في الربع الاخير من القرن الثالث عشر، ولا يمكن تحديد تاريخ هذه الوفاة بالضبط.

من مؤلفات المؤتمن

انتاج المؤتمن الادبي يشمل العقائد والدراسات الكتابية والليتورجية واللغوية. و قد حظيت مصنفاته بالانتشار الواسع. يشهد على ذلك العدد الكبير من المخطوطات لها. و لم يضع المؤتمن، مثل اخيه الصفي، كتابات دفاعية، ولكن مؤلفاته تهدف بشكل عام الى ذلك.

(1) مجموع أصول الدين ومسموع محصول اليقين، وهو كتاب لاهوتي ممتع، توجد منه نسخ بمكتبة البطريركية، ومكتبات باريس ولندن والمكتبة الشرقية لليسوعيين.

(2) التبصرة المختصرة في العقايد النصرانية.

(3) تفسير الأمانة المقدسة، توجد نسخة بمكتبة باريس.

(4) تفسير ما ورد في الإنجيل عن آلام سيدنا يسوع المسيح إلى صعوده، ومقدمة عن أصول تفسير الكتاب المقدس.

(5) إيضاح تفسير تدابير السيد المسيح من حين الحبل به إلى صعوده إلى السماء.

(6) مجموع الأصول شرح رسالة عيسى بن يحى الجرجاني في أقسام الدين. 

(7) آداب الكنيسة.

(8) خطب الأعياد السيدية وغيرها.

(9) ترياق العقول في علم الأصول، والأسرار الخفية في علم المسيحية.

(10) وأهم تصانفيه كتاب “السلم” وهو في المفردات القبطية والعربية، منها الكلمات التي تستعمل في الصلاة، وقد رتبها على حروف المعجم باعتبار أواخر الكلمات. وقد نشر كرشر Kircher هذه المفردات عام 1643م في كتابه Lingua aegyptiaca restituta وبعض رسائل دينية مأخوذة من “أصول الدين” الذي تنسبه بعض المخطوطات إلى أبي إسحاق، وينسب شيخو هذه الرسائل لأبي الفرج، بينما ينسب القمص ميخائيل الخطب إلى الصفي. أضف إلى هذا الاضطراب أننا لا نعرف التواريخ المضبوطة عن حياة الأخوة الثلاثة. أما الخطب التي طبعها القمص، فيقال إنها أخذ من مخطوط بخط مؤلف يرجع تاريخه إلى عام 1214م، وهذا يناقض نسبتها إلى الأخ الأصغر.

4- الامجد ابو المجد فضل الله

الامجد هو الاخ الرابع من اسرة اولاد العسال. يخبرنا يوساب اسقف فوة ان الامجد كان كاتبا في ديوان الجيش. اما المؤرخ المسلم المقريزي، فيخبرنا ان الامجد كان كاتبا للدرج، وانه عُيّن للعمل في ديوان الانشاء.

كان الامجد متزوجا، ونعرف اسم اثنين من ابنائه: فخر الدولة ونصرالله. وكان غنيا يسكن بيتا كبيرا في حارة زويلة، في القاهرة ، ويملك بيتا اخر في دمشق، حيث كان ينزل هو واخوته، اثناء رحلاتهم المتعلقة بالعمل والبحث عن مخطوطات.

اذا نُظر الى الامجد من الجهة المميزة لاخوته، فهو استثناء؛ فبينما كان هؤلاء من الكُتّاب المشهورين، لا نعرف له هو أي مؤلف. مع ذلك لم يكن الامجد غريبا عن عالم الكتب وعلى الثقافة الكنسية المعاصرة له؛ فنعرف انه كان يملك مكتبة، وكان له ناسخ يقوم بنسخ الكتب، في بيته، وهو الراهب غبريال.

لم يكن الامجد يهتم بالثقافة الكنسية فحسب، بل كان يشجعها ويعمل على ارتقائها. كان باحثا مجتهدا عن الكتب، ولا سيما النادر منها، وكان قارئا متيقظا؛ غير ان وظيفته لم تكن تسمح له بتكريس الوقت للتاليف. وكان يكلب من اخوته الكتابة حول المسائل التي كانت تهمه، وكان يزودهم بالكتب التي كان يشتريها في اسفاره.

في سنة 1231، وضع الاسعد اخوه “المقالة في النفس” بناء على طلبه. وربما ايضا اعد “ترجمة الاناجيل الاربعة” استجابة لطلبه. وفي وقت لاحق وصلت الى يد الصفي بواسطته نسخة من “الكتاب الاوسط في المقالات” للناشىء الاكبر (ت 906) بخط يحيى بن عدي، تاريخها 311هـ/923م. وقد فند الصفي كتاب الناشىء، وقدم مؤلفه للامجد، كما نقأ في فاتحة الكتاب.

وفاته

من الصعب تحديد تاريخها، الا انه بالتأكيد كان حيا عندما كان المؤتمن يضع كتابه “مجموع اصول الدين”، لأنه في الباب الستين يتمنى له حياة طويلة. ولا يمكننا القول الى متى طالت هذه الحياة، ولعله توفى في اواخر القرن الثالث عشر.