Search

القديس أفتيموس رئيس الرهبان

agios-efthimios

القديس أفتيموس رئيس الرهبان

وُلِدَ أفتيموس المعروفُ بالكبير، في ملاطِيَة في أرمينية عام 377. سِيمَ كاهنًا ووُكِلَ إليه الاهتمامُ بشؤونِ الأديرةِ في مدينةِ ملاطِيَة. أحبَّ حياةَ النُّسكِ والأماكنَ المقدّسة، فذهبَ إلى القدس. واستقرَّ في مَنسِكٍ في فاران مع ثيوقتِيستِس مُدَّةَ خمسِ سنَوات. ثم ارتحلَ إلى كَهفٍ آخرَ يُعرَفُ باسمِ الدَّابُور، واستقرَّ فيه مدّةَ عشرِ سنوات. وحوَّلَ مَنسِكَه إلى ديرٍ للرهبان بناءً على طلبِ ثيوقتِيستِس. كان رُكنًا للإيمانِ الرسوليِّ القويمِ في فترةِ الاضطراباتِ في كنيسةِ فلسطين إثرَ مجمعِ خلقيدونيا. رقدَ في الربِّ عامَ 465، عن عمرٍ يناهزُ الخامسةَ والتسعين.

من سِيرَةِ القدّيسِ أفتيموس كتبَها سمعانُ الميتافراستي

(PG 114، 610- 611)

نصائحُ القدّيسِ أفتيموس وإرشاداتُه

          كانَ أفتيموس الناسكُ ينبِّهُ النسّاكَ مرارًا بصورةٍ والديّةٍ، ويوجِّهُ إليهم كلامَه بصورةٍ عامّة، فيقولُ لهم إنَّ الذين زهدوا في شؤونِ هذه الحياةِ وهذا العالمِ يجبُ أن يهتمّوا حيثما وُجِدوا بممارسةِ الطاعةِ والتواضع، ولا يَتبَعُوا إرادتَهم. وإلى ذلك ليتأمَّلوا دائمًا في الموت، وَلْيخافوا عذابَ جهنَّمَ ويرغبوا في ملكوتِ السماوات. ويجبُ أن يَدْأَبوا على العملِ اليدويِّ وبعضِ الحِرَف. ولا سيّما إذا كانَ الراهبُ شابًّا تدفَعُه سِنُّهُ أو شهوتُه. لذلك يجبُ إماتةُ الجسدِ بأعمالِ التقشُّف، فيَخضَعُ للعقلِ، وينضبطُ عنفوانُ الشباب. وبذلك نقتدي بالقدّيسِ بولس، ونتمِّمُ مثلَه الشرائِعَ الإلهيّة، فلا نجتنِبُ فقط خطيئةَ البطالةِ (لأنَّ الذي لا يَعمَلُ، والبطَّالُ والكسُولُ لا يستحقُّ أن يأكلَ. هذا ما قالَه: “إذَا كَانَ أحَدٌ لا يُرِيدُ أن يَعمَلَ فَلا يَأكُلْ” (2 تسالونيقي 3: 10)، بَل “الأَولى أن يَكِدَّ وَأن يَعمَلَ بِيَدَيهِ (أفسس 4: 28). قال: إنِّي بيدَيَّ هاتَيْنِ خدَمْتُ نفسي ومَن معي.

          لأنّه من غيرِ المعقولِ أن يُعِيلَ أهلُ هذا العالمِ بتعبِ أيدِيهِم الزوجةَ والأولادَ والأُسرَةَ كلَّها، ويدفعوا الضرائبَ كلَّ سنة، ويقدِّموا البواكيرَ لله، ويُحسِنوا بما يَقدِرون عليه، ونحن لا نُشرِكُ غيرَنا في ثمارِ أيدِينا.

          وهذه بعضٌ من وصاياه تستحقُّ أن تُذكَرَ. كانَ يحُثُّ على المحافظةِ على الصمتِ في هيكلِ الربّ، ومجمعِ الإخوة، عند إقامةِ الأسرارِ المقدَّسة. وكانَ يُوصي أن لا تنطلقَ الألسنةُ بالكلامِ على المائدةِ عندما يجتمعُ الإخوةُ للعَشاء. يجبُ عليهم في كلا الحالتَيْن أن يحافظوا على الصمتِ نفسِه. ولم يَرُقْ له أن يُظهِرَ بعضُ الإخوةِ، ولا سيّما الشبابَ فيهم، أنَّهم يصومون أكثرَ من غيرِهم في المَنسِك، ويجاهرون بذلك علنًا، ثم يَحُلُّون أنفسَهم من نظامِ النُّسّاكِ، ويتبعون نظامَهم الخاصَّ وإرادتَهم. وليسَ حسنًا أن ينفخوا بالبوقِ ليجاهروا بذلك ويُظهِروا للناسِ أنّهم صائمون. بل كانَ يريدُ أن يبقى ذلك مَخفِيًّا. فكانَ يقولُ إنَّ أفضلَ الصومِ هو ما حالَ دونَ الشِّبَعِ، وما به نحرِمُ  أنفسَنا لإطعامِ المحتاجين. فَلْيأخُذْ كلُّ واحِدٍ من الطعامِ ما يَلزَمُهُ. وَلْيُقاوِمْ مشاعِرَ الجسدِ، وليتسلَّحْ بأسلحةِ الرهبان، وهي التواضعُ والاعتدالُ والتأمُّلُ والحشمةُ وطاعةُ الله، والفضيلةُ التي تَحمِلُنا على الاقتداءِ بالله.

          كانَ الإخوةُ النسَّاك يستمعون بسرورٍ لمِثلِ هذه الإرشاداتِ المتدفِّقةِ من لسانِه الشديدِ العذوبةِ.

Facebook
WhatsApp
Email