Search

القديسان سمعان الشيخ وحنَّة النبية

Presentation of Our Lord in the Temple

القديسان سمعان الشيخ وحنَّة النبية

من عظة الطوباوي غاريكوس (Guerricus) رئيس الرهبان

(SC 1، 166، ص 334- 338)

التقت الرحمة والحقيقة

          أَرَى في هذا اللقاءِ هَيْبةً وجلالاً، أري في هذا الطَّوافِ احتفالاً حافلاً بكلِّ أفراحِ العيد. فيه التقى الولدُ والوالدة، يسوعُ ومريم. ثم أقبلَ الشيخُ والأرملةُ، سمعانُ وحنَّةُ النبيّة. السيّدُ والسيّدة، والعبدُ والأمَة. هنا الوسيطُ والوسيطة، الابنُ وأمُّه. وهناك شهودٌ لهما وخدَّامٌ أمناءٌ أتقياء. في هذا الاحتفالِ “الرَّحمَةُ وَالحَقُّ يَسِيرَانِ” أمامه (مزمور 89: 15) ، رحمةُ الفادي في الفداء، وحقيقةُ الاعترافِ على فمِ الشيخَيْن. في هذا اللقاءِ تعانقَ البِرُّ والسلام (ر. مزمور 85: 11)، البِرُّ في الشيخَيْن التقيَّيْن، وسلامُ مصالحةِ العالم، إذ اجتمعَ الحبُّ وفرحُ الروح في قُبلةٍ واحدةٍ.

          لقد صحَّ ما أنشَدْناه في هذه الليلة، وما نعتقدُه متَّصلا بفرحِ هذا النهار، على أن نفهمَه بمعناه العميق: “افرَحِي يا أورشليم، وأقِيمُوا العِيدَ، يا محبِّيها”. وكأنّه قال: “افرَحِي، يا ناصرةُ بالبشارة، ويا بيتَ لحمَ  بالولادة، وأنتِ يا أورشليم في يومِ تطهيرِ الوالدة. لأنّ من حُبِلَ به في الناصرة، ووُلِدَ في بيتَ لحمَ، استقبلَتْه أورشليمُ وفيها سُمِعَتْ كرازتُه. قال: “أقيموا العيد” أي اجتمعوا، “يا جميعَ محبّيها” أي محبّي أورشليم. أي: هلُمُّوا إلى الهيكل، أنتم جميعًا الذين تنتظرون فداءَ إسرائيل، لاستقبالِ الفادي وللاحتفالِ به بمشاعرِ التقوى والإيمان.

إن أردْتُم، أيُّها الإخوة، كما هي عادتُكم، وأرادَتْ قداستُكم أن تُبنَى وتُرسَّخَ، فاعتبروا بهؤلاء الأشخاصِ الأجلاّءِ الأربعة، لأنَّ سيرتَهم لا تزيِّنُ الكنائسَ فقط، بل والسماواتِ أيضًا، وهؤلاء هم يسوعُ ومريم، وسمعانُ وحنّة.

          وَلْنَسِرْ بكلامِنا من الأدنى إلى الأعلى: كانَتْ حنَّةُ تخدُمُ اللهَ في الصومِ والصلوات، فهي تعلِّمُنا الصومَ والصلاة. وفي سمعانَ الذي حملَ الربَّ بينَ ذراعَيْه بفرحٍ كبير نرى التقوى والعبادة. وفي مريمَ التي لم تكُنْ بحاجةٍ إلى الشريعة في ما يختصُّ بطهارتِها، ومع ذلك تمَّمَتْ الشريعة، نجدُ التواضعَ والطاعة. وفي يسوعَ الذي وُلِدَ من امرأةٍ في حكمِ الشريعة، “لِيُخَلِّصَ مَن هُم فِي حُكمِ الشَّرِيعَةِ”، نجدُ المحبَّةَ والرحمة. لأنَّ قداسةَ العفّةِ التي تتهلَّلُ بمديحِها طهارتُكم سطعَتْ في هؤلاءِ جميعًا، ولو بصوَرٍ مختلفة: ففي الشيخَيْن هي جهادٌ في سبيلِ العفّة، وفي الفتاةِ العذراءِ هي ثمرةُ النعمة، وفي الطفلِ هي حقٌّ ومِيزةٌ في الطبيعة، ليس في الطفلِ المولودِ جديدًا، بل في الطفولةِ الأزليّةِ غيرِ المولودةِ.

          ولا نجدُ فيه أصلَ هذه الفضيلةِ وكمالَها فقط، بل أصلَ كلِّ الفضائلِ وكمالَها. وهو واهبُها وحافظُها ومُثِيبُها.

          فَلْنَذهَبْ إليه، معتمدِين على شفاعةِ استحقاقاتِ مريمَ البتول وسمعانَ الشيخِ وحنَّةِ النبّية، لننالَ القوّةَ لحمايةِ الفضيلةِ التي قبِلْناها بهبةِ النعمة: فمَن أودعَها فينا يَحمِيها، ثم نُعيدُها نحن إليه فننالُ منه المكافأة، هو الحيُّ المالكُ إلى دهرِ الدهور. آمين.

Facebook
WhatsApp
Email